رقمنة
*نور خريس
تعتبر صناعة الألعاب الالكترونية العالمية اليوم قوة ضخمة على المستويين الثقافي والاقتصادي، فهي تقوم على قاعدة مستخدمين يقدر عددهم اليوم بنحو 3.2 مليار لاعب حول العالم، وهي تحقق ما يقارب 188 مليار دولار من الإيرادات في عام 2024، نصفها تقريبًا من ألعاب الموبايل.
وهذه الألعاب جعلت الترفيه التفاعلي متاحًا للجميع، وأصبحت وسيلة رئيسية للإبداع والتواصل، ومع وجود تراث ثقافي ثري وجيل شاب، يملك الشرق الأوسط فرصة حقيقية لإثبات حضوره في هذا القطاع.
تطور صناعة الألعاب في الشرق الأوسط
المنطقة كانت دائمًا موطنًا للألعاب منذ آلاف السنين، مثل لعبة ” أور الملكية” و ” السنّت المصرية”. اليوم، يشكل الشباب أكثر من نصف السكان، ما ساعد في انتشار واسع وسريع لألعاب الموبايل، والمطورون المحليون يستفيدون من الأساطير والتاريخ والثقافة المحلية لابتكار ألعاب تلقى رواجًا عالميًا، في ظل دعم متزايد للاستثمارات في البنية التحتية، وتنامي قطاع الرياضات الإلكترونية، ومبادرات حكومية لتعزيز مكانة المنطقة كمركز عالمي للألعاب.
ريادة الأردن في الموارد وصناعة الألعاب
ويتميز الأردن بتراث ثقافي وفني غني يشمل البتراء، جرش الرومانية، الفولكلور البدوي، وفنون الفسيفساء، ما يمنح مطوري الألعاب الأردنيين مصادر فريدة للسرد والإبداع الفني.
وعلى أرض الواقع، أثبت الأردن نفسه كمركز رئيسي لإنشاء وتطوير الموارد البشرية والفنية لصناعة الألعاب في المنطقة. العديد من الشركات الرائدة في صناعة الألعاب الإقليمية تعتمد على الكفاءات الأردنية في تطوير البرمجيات والخدمات الخلفية، أو لديها مكاتب ومراكز تطوير داخل الأردن. ويعود ذلك لوجود كفاءات تقنية عالية وتكاليف تشغيل تنافسية وبيئة محفزة للابتكار.
المبادرات المحلية والدعم الحكومي أسهما في تنمية قاعدة واسعة من المواهب الإبداعية، ما جعل الأردن خيارًا مفضلًا لشركات الألعاب للاستعانة بخدمات فرق التطوير والدعم الفني الأردنية. هذا الدور عزز مكانة الأردن كداعم أساسي لصناعة الألعاب في الشرق الأوسط، وساهم في تطوير المهارات التقنية وخلق فرص عمل جديدة ونمو مجتمع تقني نشط داخل البلاد.
مقومات تميز الأردن
رغم المنافسة مع دول ذات موارد أضخم، يتمتع الأردن بعدّة نقاط قوة في هذا المضمار من اهمها وجود استوديوهات تطوير ألعاب موبايل رائدة، وتراث ثقافي غني يتيح ابتكار قصص وأفكار جديدة، مع وجود قوة عاملة تقنية مدربة ومشاركة نسائية ملحوظة، فضلا عن تكاليف التشغيل المنخفضة مقارنة بالدول المجاورة.
ويعزز ذلك استفادة الاردن من التجارب الدولية الناجحة مثل تجربة فنلندا التي اعتمدت على التخصص وبناء الشراكات العالمية.
توصيات لتعزيز الصناعة الأردنية
من واقع خبراتنا المتراكمة في سوق الالعاب الالكترونية ، ولتعزيز الصناعة محليا نقترح جملة من المقترحات اهمها إنتاج محتوى أصلي من خلال دمج القصص والأساطير الأردنية والفولكلور المحلي في ألعاب الموبايل.
ونوصي في هذا المجال بدعم الاستوديوهات الصغيرة عبر توفير الحوافز والبرامج الحكومية لدعم المطورين المستقلين، وتعزيز التعليم والتدريب من خلال توسيع برامج التدريب في تصميم الألعاب والسرد القصصي بالشراكة مع شركات عالمية، يعزز ذلك بناء شراكات استراتيجية وتشجيع التعاون مع ناشرين إقليميين ودوليين لتوسيع نطاق توزيع الألعاب الأردنية.
ونؤكد على اهمية توفير عامل ” الجودة” من خلال التركيز على تطوير ألعاب عالية الجودة تعكس الإبداع المحلي، وتنويع مصادر الدخل عبر الاستفادة من التوسعات والمنتجات الجانبية والمشتريات داخل اللعبة ذات الطابع الثقافي.
الاستفادة من الاستثمارات الإقليمية
الأردن أمامه فرصة ليصبح مركزًا لتطوير المواهب التقنية وجذب مشاريع الاستعانة بمصادر خارجية، والاستفادة من التراث الثقافي المحلي في التعاون مع شركات أخرى، والتميز في تعريب ألعاب الموبايل، بالإضافة إلى أهمية تحسين البنية التحتية وتوفير بيئة تشريعية محفزة لجذب الاستثمارات الجديدة.
ان المملكة اليوم تمتلك عناصر قوية للريادة في صناعة ألعاب الموبايل بفضل تراثه العريق وشبابه المبدع وكفاءاته التقنية وتكاليفه التشغيلية المناسبة. من خلال تطوير محتوى أصلي وتعزيز التعليم وبناء شراكات فعالة وابتكار استراتيجيات تسويق وإيرادات ذكية.
ويمكن للأردن أن يرسخ موقعه كمركز إقليمي وعالمي في صناعة الألعاب الرقمية المتنامية.
*المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة ” ميس الورد”، الشريك التقني والاداري لمختبر الالعاب الالكترونية الاردني
التعليقات مغلقة.