
رقمنة
قبل نحو سبع سنوات، كانت أكاديمية “إيزي كيت بروبوت”؛ المتخصصة في تدريب الأطفال على التقنية، مجرد فكرة لمعت في ذهن الريادية الأردنية ظلال الشمايلة.
وجمعت بين خبرتها وشغفها، وبين حاجة جيل الصغار والمجتمع للتطور التقني، خاصة في ظل التوجهات المحلية والعالمية نحو تبني مفاهيم الثورة الصناعية الرابعة.
انطلقت الشمايلة من بدايات بسيطة، وراكمت على فكرتها الكثير من العمل الجاد والاجتهاد، حتى وصلت اليوم إلى منصات التتويج في فعاليات الريادة العالمية.
ابنة محافظة الكرك، ظلال الشمايلة، بدأت منذ العام 2018 ببناء حلمها بتطوير مؤسسة “إيزي روبوت كيت”، بهدف نشر فكر التقنية والإبداع والابتكار بين الأطفال واليافعين، ليس فقط في الكرك بل على مستوى المملكة، مع طموحات كبيرة للوصول إلى الساحة العربية والعالمية عبر المنصات الرقمية التابعة لها.
واستطاعت ظلال الشمايلة، بفضل الجد والاجتهاد والإصرار، وبالاستفادة من مبادرات وحاضنات أعمال تدعم الريادة مثل “مؤسسة TTi” و”نادي إبداع الكرك” وغيرها، أن تطور فكرتها وتحدث أثرا ملموسا خلال السنوات الماضية. فقد دربت أكثر من 3500 طالب وطالبة على مهارات التكنولوجيا، والبرمجة، والروبوت.
كما أنشأت مقرا فعليا للأكاديمية، أسهم في توفير فرص عمل لعدد من السيدات في مجالات التدريب، وإنتاج المحتوى الرقمي، وتصميم البرامج، وغيرها من التخصصات.
ونجحت الشمايلة في بناء مجتمع نشط حول مؤسستها، وأسهمت في تطوير مهارات مئات الشباب والأطفال، ما مكنها من تحقيق إنجازات لافتة في مسابقات وفعاليات ريادية على المستويين المحلي والعربي، حتى وصلت إلى العالمية.
ومؤخراً، حققت الشمايلة إنجازا نوعيا بفوزها بالمركز الأول في مسابقة عالمية من خلال مؤسستها “إيزي روبوت كيت”، حيث حصدت لقب أفضل مشروع على مستوى الشرق الأوسط وجنوب أفريقيا، في المسابقة التي نظمتها منظمة الاتحاد من أجل المتوسط تحت عنوان “إلهامها”، والتي أقيمت في مدينة باليمورو الإيطالية خلال الفترة من 16 إلى 17 تموز الحالي، ضمن فعاليات النسخة التاسعة من منتدى سيدات الأعمال.
ويهدف المنتدى إلى تعزيز الاستثمار في المشاريع الريادية التي تقودها النساء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
تأسست أكاديمية “إيزي روبوت كيت” كمنصة تعليمية مبتكرة، تهدف إلى تمكين الأطفال واليافعين من مهارات التكنولوجيا، والروبوت، والذكاء الاصطناعي بطريقة تفاعلية وممتعة.
تأتي هذه المبادرة في زمن تتسارع فيه وتيرة التكنولوجيا، وتتسع فيه الفجوة بين أنظمة التعليم التقليدية ومتطلبات المستقبل، مما يجعل من الضروري التركيز على تعليم الأجيال الصاعدة مهارات البرمجة والتقنيات الحديثة، وفي مقدمتها الذكاء الاصطناعي الذي بات جزءا لا يتجزأ من مختلف مجالات الحياة. إذ إن الأطفال هم جيل المستقبل، ولكنهم بحاجة إلى التوجيه الصحيح ليتمكنوا من مواكبة التطورات وصناعة مستقبلهم بثقة ووعي.
ونجحت ظلال الشمايلة في الفوز بالمركز الأول ضمن فئة “المشاريع الريادية القائمة”، متفوقة على 10 سيدات وصاحبات أعمال من دول متعددة شاركن في المسابقة، محققة إنجازا أردنيا مميزا يعكس قدرة الرياديين الأردنيين، نساء ورجالا، على التميز والتفوق عربيا وعالميا.
واختارت المسابقة 10 رائدات أعمال من الأردن، مصر، لبنان، فلسطين، تونس، والمغرب للمشاركة في التصفيات النهائية لمسابقة “إلهامُها” لعام 2025، من بين 160 طلب مشاركة قُدمت من عدة دول في المنطقة.
وتعد مسابقة “إلهامُها” مبادرة من الاتحاد من أجل المتوسط بالتعاون مع اتحاد المصارف العربية، تحتفي بالتقدم المحرز في مجالات الشمول المالي وريادة الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وتعد منظمة الاتحاد من أجل المتوسط منظمة حكومية دولية تضم 43 دولة، وتهدف إلى تعزيز التعاون الإقليمي والحوار من أجل تنفيذ مشاريع ومبادرات ملموسة تركز على التنمية الشاملة والمستدامة، وتعزيز الاستقرار في منطقة الأورومتوسط.
وحول هذا الإنجاز، قالت ظلال الشمايلة: “فوزي بالمركز الأول على مستوى الشرق الأوسط وجنوب أفريقيا في المسابقة العالمية هو تكريم وتقدير لجهد أردني خالص، عملت عليه لسنوات في محافظة الكرك”.
وأضافت أن هذا الفوز يحمل قيمة كبيرة لها، كونه ثمرة تعب وسهر طويل ومواجهة العديد من التحديات، مؤكدة أن الإنجاز يعد دليلا واضحا على أن الشباب والسيدات الأردنيات قادرات على الإبداع والتميز محليا ودوليا.
وبينت الشمايلة أن مؤسستها تسهم في بناء جيل واع قادر على مواجهة التحديات، خاصة في ظل التغيرات التكنولوجية المتسارعة التي يشهدها الأردن والعالم. وأوضحت أن رسالة أكاديمية “إيزي روبوت كيت” تتمثل في تزويد الشباب والأطفال بأدوات التكنولوجيا اللازمة لتمكينهم من خدمة مجتمعاتهم، وتطوير قدراتهم، والمساهمة في تنمية الاقتصاد الوطني، ومواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية.
وأكدت أن خطط المؤسسة تتجه نحو التوسع داخل الأردن وفي المنطقة العربية، بهدف الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من الأطفال والشباب وتمكينهم بالتقنيات الحديثة.
وقالت: “نؤمن أن التكنولوجيا يمكن أن تكون أداة قوية لتحسين حياة الأفراد والمجتمعات، ولذلك نسعى جاهدين لتوفير أدوات تعليمية حديثة ومبتكرة لكل طفل، بغض النظر عن مكان إقامته. نحن لا نركز فقط على تعليم المهارات التقنية، بل نعمل أيضاً على تعزيز قيم الاستدامة والوعي البيئي، بما يساعد الأطفال على التفكير الإبداعي واستشراف مستقبل أفضل وأكثر استدامة”.
وحصلت الشمايلة على العديد من الجوائز الوطنية والدولية، من بينها: لقب “سفيرة الريادة”، “ملهمة التغيير من خلال العالم الرقمي”، جائزة الابتكار والإبداع في العالم الرقمي، جائزة المركز الأول للابتكار من مؤسسة إنجاز.
ووفق الشمايلة فإن برامج ومشاريع “ايزي روبوت كيت” أسهمت منذ انطلاقها في تدريب أكثر من 3500 طالب وطالبة على مهارات التكنولوجيا، والبرمجة، والروبوت. كما تم تأسيس مقر فعلي للأكاديمية ساهم في توفير فرص عمل لعدد من السيدات في مجالات التدريب، وإنتاج المحتوى الرقمي، وتصميم البرامج.
وحقق طلاب الأكاديمية مراكز متقدمة في مسابقات محلية وعالمية، حيث يطورون مهاراتهم وأدواتهم، ويعملون بجد لصناعة تغيير إيجابي في حياتهم ومجتمعاتهم.
وحول أهمية تعليم البرمجة والتقنية للأطفال واليافعين، أكدت الشمايلة أن هذا النوع من التعليم له دور محوري في تشكيل شخصياتهم وتنمية مهاراتهم منذ الصغر.
وقالت: تعليم البرمجة يسهم في تنمية التفكير المنطقي والتحليلي، ويعزز الإبداع والابتكار، كما يطوّر قدرة الأطفال على حل المشكلات وبناء الثقة بالنفس. البرمجة هي لغة المستقبل، وتعد مفتاحا لإعداد الطلبة لوظائف الغد، إلى جانب تطوير مهاراتهم في العمل الجماعي والتواصل الفعّال”.
ونوهت إلى أن التعليم التفاعلي له أهمية كبيرة كونه يحول المفاهيم المجردة إلى تجارب عملية ممتعة، مما ينعكس إيجابا على الأداء الأكاديمي، خاصة في المواد العلمية، ويحفز التفكير النقدي واتخاذ القرار.
وأوضحت أن جانبا مهما في هذا المجال يتمثل في تمكين الأطفال من التحول من مستهلكين للتكنولوجيا إلى منتجين لها، وهو ما يربط التعليم بالحياة الواقعية ويعزز من دورهم الفاعل في مجتمعاتهم.
الغد – ابراهيم المبيضين