
رقمنة
*المهندس هاني محمود البطش
في ظل التحولات الرقمية المتسارعة والانتشار المتزايد لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، يقف سوق العمل الأردني عند مفترق طرق حاسم. لم تعد الإشكاليات محصورة في التخصصات المشبعة، بل أصبحت مرتبطة بقدرة منظومات التعليم والتدريب المهني على مواكبة التحوّل التكنولوجي العميق واستيعاب متطلباته المتجددة.
1. الوظائف التقليدية تحت التهديد
أصبحت الوظائف الروتينية معرضة بالكامل للأتمتة عبر الذكاء الاصطناعي:
● المحاسبة التقليدية تتراجع أمام الأنظمة الذكية.
● خدمة العملاء يتحول إلى بوتات ذكية دون توقف.
● إدخال البيانات والمهام الإدارية تُنفذ عبر أدوات RPA.
● تحليل الأشعة الطبية أصبح بدقة تفوق التدخل البشري.
2. وظائف المستقبل التي تولد من رحم التقنية
بينما تغيب بعض الوظائف، تولد أخرى جديدة:
● طبيب ذكاء اصطناعي لإشراف خوارزميات التشخيص.
● محلل طبي تنبؤي يتوقع الأمراض قبل ظهورها.
● مهندس طباعة ثلاثية الأبعاد للبناء يبني المباني عبر الطابعات الصناعية.
● محامٍ جرائم رقمية ذكي يتعامل مع تحديات السيارات والطائرات ذاتية القيادة.
● مصمم بيئات الواقع الممتد (XR Architect) للقطاع الطبي والسياحي والتعليمي.
● منسق أنظمة الطاقة الذكية لدمج الطاقة والذكاء الاصطناعي.
3. تخصصات جامعية جديدة لآفاق مقبلة
لتواكب الجامعات الأردنية المستقبل، يجب تطوير برامج هجينة:
● Smart Medicine: دمج الطب وبيانات الذكاء الاصطناعي.
● الهندسة المدنية الرقمية: التصميم باستخدام الطباعة الثلاثية الأبعاد والأتمتة.
● القانون السيبراني: إلمام بقضايا الجرائم الرقمية وحماية البيانات.
● إدارة الأنظمة الذاتية: من الروبوتات للطائرات بدون طيار.
● الزراعة الذكية: إنترنت الأشياء لتحسين الإنتاجية الزراعية.
4. المهارات المطلوبة لعام 2030 بحسب منتدى الاقتصاد العالمي
بحسب تقرير Future of Jobs 2025، سيتطلب سوق العمل العالمي بحلول 2030 مزيجًا من المهارات التقنية والإنسانية:
● المهارات التقنية السريعة النمو:
o الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات
o شبكات الحاسوب والأمن السيبراني
o الكفاءة التكنولوجية العامة
● المهارات البشرية المحورية:
o التفكير التحليلي والإبداعي
o القدرة على التكيف والمرونة (resilience, flexibility, agility)
o الفضول والتعلم المستمر
o القيادة والتأثير الاجتماعي
o إدارة المواهب والتحفيز الذاتي
o التفكير المنظم والنظامي (systems thinking)
o المسؤولية البيئية (environmental stewardship)
o التعاطف والمهارات التواصلية
o تجربة المستخدم والخدمة الموجهة للعميل
● أزمة المهارات:
يتوقع المنتدى الاقتصادي العالمي أن 39% من العاملين سيحتاجون إلى تطوير مهاراتهم بحلول 2030، و59% سيخضعون لبرامج التأهيل أو التحديث المهني.
5. التدريب المهني… ركيزة استراتيجية للمستقبل
لا يمكن الاعتماد على الشهادات وحدها. يتطلب المستقبل:
● تأهيل الشباب بمهارات مطلوبة مثل تحليل البيانات، البرمجة، التصميم ثلاثي الأبعاد، والأمن السيبراني.
● شراكات مع الشركات لتوفير تدريب تطبيقي يُعدّ الخريجين فورًا لسوق العمل.
● مسارات تدريب مهني مرنة ومتطورة باستمرار.
● إعادة تأهيل العاملين في القطاعات التقليدية لتولي وظائف المستقبل.
6. الرؤية… الأساس
لكي يعزز الأردن مكانته في اقتصاد الغد، عليه:
● إعادة هيكلة التعليم الجامعي والتقني ليتماشى مع مهارات 2030.
● الاستثمار في المهارات الإنسانية: الابتكار، التفكير التحليلي، التعاون.
● إطلاق مبادرات وطنية للتدريب المهني بالتعاون مع القطاع الخاص.
● غرس ثقافة التعلم المستمر؛ لأن وظائف المستقبل تتطلب استعدادًا دائمًا.
المستقبل يُصنع اليوم… والأردن يمتلك الطاقة الشبابية والعقول المتطلعة ليكون رائدًا في التحول الذكي، عبر رؤية جريئة وإرادة فاعلة.
المصدر : عمون
*استشاري الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي