
رقمنة
*الاستاذ الدكتور احمد غندور
في سلسلة المقالات السابقة التي نُشرت عبر منصة “رقمنة” حول محو الأمية الرقمية، ركّزنا على أهمية تمكين الأفراد من التعامل مع التكنولوجيا في حياتهم اليومية. لكن التفاعل مع القرّاء كشف عن لبس شائع بين مفهومي الأمية الرقمية والأمية السيبرانية. هذا المقال يأتي لتوضيح الفرق بينهما، لأن الخلط بينهما يُضعف الفهم، ويقلل من أثر أي تدخل تعليمي أو توعوي.
أولًا: ما هي الأمية الرقمية؟
هي غياب المهارات الأساسية لاستخدام الأدوات الرقمية.
من لا يعرف كيف يُرسل بريدًا إلكترونيًا، يُفعّل تطبيقًا حكوميًا، يُشارك في اجتماع عبر الإنترنت، أو يُدير ملفاته عبر الهاتف أو الحاسوب، يُعتبر أميًا رقميًا.
محو الأمية الرقمية يعني امتلاك الأدوات اللازمة للتفاعل مع العالم الرقمي: من تحميل التطبيقات إلى استخدام الخدمات الحكومية مثل سند، إي فواتيركم، أو كليك.
ثانيًا: ما هي الأمية السيبرانية؟
هي الغياب التام للوعي بالمخاطر الرقمية، وعدم القدرة على حماية النفس والمجتمع داخل البيئة السيبرانية.
يمكن لشخص أن يكون ماهرًا في استخدام التطبيقات، لكنه أمي سيبرانيًا إذا لم يعرف كيف يميز رسائل التصيّد، أو يُنشئ كلمة مرور آمنة، أو يحمي أجهزته من الاختراق.
الفارق الجوهري:
الأمية الرقمية = لا تعرف كيف تستخدم التقنية.
الأمية السيبرانية = لا تعرف كيف تحمي نفسك أثناء استخدامها.
في الأردن، هذا التمييز بات ضرورة لا رفاهية.
لدينا اليوم بيئة رقمية نشطة، وتطبيقات أصبحت جزءًا من نمط الحياة اليومي.
لكن الاستخدام لا يعني الوعي، والتمكن من التعامل مع “الواجهة” لا يعني فهم ما يجري “خلف الكواليس”.
مظاهر الأمية السيبرانية لا تزال واضحة في المجتمع، رغم شيوع استخدام التطبيقات:
كلمات مرور مكررة وضعيفة.
مشاركة روابط غير آمنة دون تحقق.
التعامل مع الأجهزة العامة دون تسجيل الخروج.
الجهل بطرق استرداد الحسابات بعد الاختراق.
ما نحتاجه اليوم ليس برنامجًا واحدًا، بل مسارين متوازيين:
1. محو الأمية الرقمية: لتأهيل الجميع على استخدام الأدوات والمنصات.
2. محو الأمية السيبرانية: لتكوين وعي رقمي آمن في مواجهة التهديدات.
هل نُعلّم أبناءنا كيف يدخلون إلى العالم الرقمي؟
أم نُعدّهم للعيش فيه بوعي ومسؤولية؟
السؤال ليس نظريًا. بل هو أساس كل سياسة تعليم رقمي، وكل مشروع تحول رقمي في الأردن والمنطقة.
*الخبير في تخصص الاعمال الالكترونية