مقالات

الخبير في تخصص الأعمال الإلكترونية، الأستاذ الدكتور أحمد غندور يكتب لـ ” رقمنة” … “الأمية الرقمية (5)” : الرخصة الدولية للقيادة الرقمية (IDDL): آن الأوان لنودّع الـICDL

رقمنة 

أ.د احمد غندور
مرّ أكثر من عشرين عامًا على انتشار ما عُرف بـ”الرخصة الدولية لقيادة الحاسوب” أو ICDL.
في ذلك الوقت، كانت الشهادة رائدة وتلبّي حاجة واضحة في سوق العمل والتعليم، حين كانت المهارة الرقمية تعني القدرة على تشغيل الحاسوب، فتح برنامج “وورد”، وإنشاء جداول على “إكسل”. وكانت كافية لتصنيف الشخص كجاهز رقميًا.
لكن التقنية تطوّرت.
والتحديات تغيّرت.
وما كان كافيًا آنذاك، لم يعد يكفي اليوم.
في عام 2025، لم يعد فتح ملف أو تنسيق مستند مهارة متقدمة.
بل أصبح الطفل يتعامل مع الهاتف الذكي قبل أن يتعلم الكتابة.
الخدمات كلها تقريبًا أصبحت رقمية.
التهديدات الإلكترونية زادت.
أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي أصبحت جزءًا من التعليم، والعمل، والحياة اليومية.
في هذا الواقع، لم تعد ICDL تواكب المرحلة.
وأصبحت بحاجة إلى إعادة نظر، ليس فقط في محتواها، بل في مفهومها.
ما نحتاجه ليس “رخصة استخدام حاسوب”، بل رخصة حياة رقمية.
ومن هنا، أقترح الانتقال من ICDL إلى نموذج جديد أوسع وأكثر تكاملًا:
الرخصة الدولية للقيادة الرقمية – International Digital Driving License (IDDL)
إطار حديث يجمع بين ثلاث محاور متكاملة، تمثل الحد الأدنى لأي جاهزية رقمية حقيقية:
١. محو الأمية الرقمية
القدرة على استخدام الأدوات والمنصات والخدمات الرقمية اليومية:
تحميل التطبيقات، استخدام البريد الإلكتروني، إدارة الملفات، المشاركة في الاجتماعات الافتراضية، التفاعل مع التطبيقات الحكومية (سند، إي فواتيركم، كليك)، التسوق الإلكتروني، طلب سيارات الأجرة، إدارة المنازل الذكية…
هذه لم تعد مهارات إضافية، بل أصبحت ضرورية لأي مواطن رقمي.
٢. محو الأمية السيبرانية
الوعي بالمخاطر الرقمية، ومعرفة كيفية حماية النفس والبيانات.
مثل إنشاء كلمات مرور قوية، تفعيل المصادقة الثنائية، التعرف على محاولات التصيّد، التحقق من الروابط، التعامل مع الأجهزة العامة، والاستجابة في حال الاختراق.
كما تحتاج المؤسسات إلى تدريبات سيبرانية دورية، على غرار تدريبات الطوارئ.
٣. مهارات الذكاء الاصطناعي التوليدي
التعامل الواعي مع أدوات مثل ChatGPT وCopilot وGemini أصبح أمرًا واقعًا.
لكن استخدام هذه الأدوات يتطلب مهارات جديدة:
فهم حدود الأداة، طرح الأسئلة بوضوح، تلخيص المعلومات، كتابة محتوى أولي، دعم القرار، وتحسين الإنتاجية.
الرخصة الجديدة IDDL ليست مجرد نسخة موسّعة من ICDL.
بل تمثل تحولًا في الرؤية:
من الاستخدام إلى الوعي.
من التقنية إلى السلوك.
من المهارة إلى الكفاءة الرقمية الشاملة.
وكما ودّعنا الفاكس، والقرص المرن، وبرامج “دوس”، فقد حان الوقت أن نودّع الـICDL.
ليس لأنها سيئة، بل لأنها من زمن آخر.
الانتقال من ICDL إلى IDDL ليس مجرد تغيير اسم، بل إعلان بأننا فهمنا التحول الرقمي، وأننا مستعدون لمواكبته.
*الخبير في تخصص الاعمال الالكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى