مقالات

الرئيس التنفيذي لشركة ” إس تي إس” إحدى شركات “زين تك” أيمن مزاهرة يكتب لـ ” رقمنة ” …. التحول الرقمي في الأردن: من الرؤية إلى التطبيق

بين ثبات الرؤية وسرعة المتغيرات: كيف نواكب الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة؟

رقمنة 

*أيمن مزاهرة 

يشهد الأردن تحولاً رقمياً متسارعاً لم يعد يقتصر على رقمنه المعاملات والخدمات فحسب، بل يمتد إلى إعادة صياغة العلاقة بين المواطن والدولة، وبين الشركات والعملاء، وحتى بين الإنسان والتقنية التي تتطور بشكل مذهل ومتسارع لتخدم كل القطاعات الاقتصادية بقيادة تقنيات الذكاء الاصطناعي.  

وهذا التحول لا ينبع من رغبة آنية أو ردة فعل على متغيرات خارجية، بل من رؤية استراتيجية واضحة تستند إلى أسس متينة من البنية التحتية، والموارد البشرية، والشراكات الفعالة.

رؤية وطنية تقودها الإرادة

وتستند جهود التحول الرقمي هنا في الأردن إلى رؤية التحديث الاقتصادي* وخارطة تحديث القطاع العام**، وهما وثيقتان تشكلان إطاراً استراتيجياً يدفع نحو رقمنه الخدمات، وتمكين القطاع الخاص، وتعزيز التنافسية الإقليمية، مع وجود استراتيجية وطنية للتحول الرقمي واستراتيجات تدعم الذكاء الاصطناعي والامن السيبراني.

وقد واكبت هذه الرؤية إرادة سياسية داعمة ومستمرة، حيث أطلقت الحكومة الأردنية مبادرات متعددة مثل منصة “سند”، ومشروع “رقمنه الخدمات الحكومية”، وخطط لتوحيد قواعد البيانات الوطنية، بما يسهم في تحسين كفاءة تقديم الخدمات، وزيادة الشفافية، وتقليص التكاليف.

من البنية إلى القيمة: أين نقف اليوم؟

استثمر الأردن خلال السنوات الماضية في تطوير البنية التحتية الرقمية بشكل ملحوظ، سواء على صعيد شبكات الاتصالات، أو مراكز البيانات، أو خدمات الحوسبة السحابية. وأُسست كذلك أطر تشريعية وتنظيمية لضمان أمن المعلومات، وحماية الخصوصية، وتشجيع الابتكار.

لكن في خضم هذا التقدم، أصبح لزامًا علينا ألا نكتفي بالبنية والإنجازات القائمة، بل أن نواكب الاتجاهات التقنية المتسارعة مثل الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، وتحليلات البيانات، والتي باتت تشكل العمود الفقري للتحول الرقمي عالميًا.

الذكاء الاصطناعي على وجه الخصوص لم يعد ترفًا تقنيًا، بل أصبح عنصرًا حاسمًا في تحسين تجربة المواطن، واتخاذ القرار المبني على البيانات، ورفع كفاءة الخدمات. ومن هذا المنطلق، تبرز الحاجة إلى دمج هذه التقنيات ضمن استراتيجيات التحول الرقمي في الأردن، ليس فقط من خلال التبني، بل من خلال التمكين، وبناء نماذج أعمال جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي بشكل فعّال ومسؤول.

وهنا يظهر دور المؤسسات الريادية مثل إس تي إس، إحدى شركات زين تك، التي لعبت دوراً محورياً في تنفيذ مشاريع رقمية نوعية عبر قطاعات متعددة، مستفيدة من خبرتها الممتدة في تصميم حلول شاملة ومتكاملة.

 

إس تي إس، إحدى شركات زين تك: خبرة تمتد لأكثر من ثلاثة عقود في تحقيق التحول الرقمي الحقيقي

منذ تأسيسها، وضعت إس تي إس نصب أعينها هدفاً واضحاً ألا وهو تمكين المؤسسات الأردنية والعربية من مواكبة التحول الرقمي. وقد نفذت الشركة حلولاً استراتيجية للقطاعين العام والخاص، شملت مشاريع في تبني الحوسبة السحابية، الأمن السيبراني، أتمتة الإجراءات، وخدمات البنية التحتية المبتكرة.

ولعل ما يميز إس تي إس هو تركيزها على الابتكار المحلي، وتبنيها نموذج “الشريك الاستراتيجي” لا “المزود التقني” فقط، ما جعلها جزءاً من عملية صناعة القرار الرقمي لدى عملائها.

زين تك: تكامل الرؤية الإقليمية مع الخبرة المحلية

يشكل استحواذ زين تك، المزود المتكامل للحلول الرقمية التابع لمجموعة زين، على إس تي إس الأردنية مثالاً عملياً على تكامل الرؤية الإقليمية مع الجذور المحلية. ومن خلال هذه الخطوة، جمعت زين تك بين قدراتها الإقليمية في مجالات الحوسبة السحابية، والذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، وبين معرفة إس تي إس العميقة بخصوصيات السوق الأردني وإمكانات الشركة المتفوقة في العديد من المتطلبات الإقليمية وخبرتها في تكامل الأنظمة وخدمات وحلول البنية التحتية الحديثة.

واليوم، تعمل زين تك على توسيع أثرها عبر المنطقة، عبر الأردن، وتنفيذ حلول رقمية تركز على القطاعات الحيوية مثل المالية، والحكومية، وغيرها من القطاعات المتنوعة وتستخدم أحدث التقنيات لتقديم نتائج قابلة للقياس.

التحديات المستمرة: التشريعات، الكفاءات، والثقافة المؤسسية

ورغم التقدم الذي نشهده، لا تزال هناك تحديات جوهرية تواجه مسيرة التحول الرقمي في الأردن:

التشريعات الرقمية: الحاجة إلى تسريع وتيرة التحديث القانوني بما يتماشى مع تطور التقنيات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة، والتوقيع الرقمي.

رأس المال البشري: على الرغم من توفر الكفاءات بشكل مكثف في الأردن خصيصا، إلا أن السوق بحاجة إلى تعزيز المهارات المتقدمة، وإدماجها ضمن رؤية رقمية شاملة تشمل القطاع العام والخاص.

الثقافة المؤسسية: التحول الرقمي لا ينجح دون تغيير في العقلية ومنهجية العمل. المؤسسات بحاجة إلى تبني منهجيات مرنة، والتخلص من البيروقراطية، واحتضان التغيير كجزء من نموذج أعمالها.

نحو مستقبل رقمي شامل ومستدام

التحول الرقمي الحقيقي لا يقاس اليوم بعدد التطبيقات المطورة أو المعاملات المؤتمتة، بل بمدى أثره على حياة المواطن، واقتصاد الدولة، وكفاءة الأعمال. وهنا يبرز دور الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وبين الشركات المحلية والإقليمية، لبناء منظومة رقمية مترابطة ومتكاملة.

ولأن التغيير يبدأ من الداخل، فإن الاستثمار في الكفاءات المحلية، وتوفير بيئة حاضنة للابتكار، واعتماد ممارسات عمل مرنة، سيكون هو الفيصل في نجاح هذا التحول.

يمتلك الأردن كل المقومات ليكون مركزاً رقمياً إقليمياً، بفضل رؤيته، وكفاءاته، وشراكاته. ومع وجود شركات مثل إس تي إس، إحدى شركات زين تك، فإن مستقبل التحول الرقمي في الأردن يبدو واعداً أكثر من أي وقت مضى. المطلوب الآن هو الاستمرارية، والتكامل، والجرأة في اتخاذ القرار.

*https://www.jordanvision.jo/ar

**https://govreform.jo/Default/Ar

*الرئيس التنفيذي لشركة ” اس تي اس”، واحدة من شركات ” زين تيك”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى