
رقمنة
*وجدي مخامرة
في ظل التحولات العالمية المتسارعة في مجال التكنولوجيا، أصبح الذكاء الاصطناعي (AI) من أبرز المحركات الاقتصادية في العصر الرقمي حيث يشهد العالم توجهًا متزايدًا نحو دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات الاقتصادية والإدارية، ولا يُستثنى الأردن من هذه التوجهات.
فمع تبنّي الحكومة الأردنية لاستراتيجيات التحول الرقمي، يبرز الذكاء الاصطناعي كأداة محورية يمكن أن تُحدث تحولًا نوعيًا في النمو الاقتصادي، ويعزز من الكفاءة والابتكار في مختلف المجالات.
أولاً: الذكاء الاصطناعي كقوة دافعة للنمو الاقتصادي.
الذكاء الاصطناعي يُسهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي من خلال:
زيادة الإنتاجية حيث تعتمد العديد من الشركات والمؤسسات في الأردن على نماذج عمل تقليدية، لكن إدخال الذكاء الاصطناعي في العمليات الصناعية والخدمية يمكن أن يقلل التكاليف، ويزيد سرعة الإنجاز، ويقلل من الأخطاء البشرية.
تحفيز الابتكار حيث يدفع الذكاء الاصطناعي الشركات الناشئة والمبتكرين الأردنيين إلى تطوير حلول ذكية في مجالات مثل الزراعة الدقيقة، الصحة الرقمية، والخدمات المالية.
فتح أسواق جديدة حيث يتيح الذكاء الاصطناعي فرصًا للتوسع في مجالات مثل تحليل البيانات الضخمة، الأمن السيبراني، وخدمات التعلم الآلي، ما يُعزز من التنويع الاقتصادي.
ثانيًا: القطاعات المتأثرة إيجابًا في الأردن.
الصحة حيث يمكن لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في التشخيص المبكر للأمراض، وتحليل الصور الطبية، أن ترفع جودة الرعاية الصحية وتقلل الكلفة.
التعليم حيث تسهم منصات التعليم الذكية في تحسين جودة المحتوى وتوفير تعليم شخصي للطلبة، ما يعزز رأس المال البشري على المدى الطويل.
الزراعة حيث تسهم تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاج الزراعي عبر مراقبة التربة والري والتنبؤ بالمحاصيل.
الخدمات الحكومية حيث بدأت الحكومة الأردنية باستخدام الروبوتات والدردشة الآلية (chatbots) لتحسين تجربة المواطن وتبسيط الإجراءات.
ثالثًا: التحديات التي تواجه الأردن في تبني الذكاء الاصطناعي
رغم الإمكانيات الهائلة، يواجه الأردن عدة تحديات منها :
البنية التحتية الرقمية حيث لا تزال بعض المناطق تعاني من ضعف الإنترنت ونقص في مراكز البيانات.
نقص الكفاءات البشرية حيث يوجد يوجد فجوة في عدد المختصين في مجالات الذكاء الاصطناعي والبرمجة وتحليل البيانات.
الإطار التشريعي والتنظيمي حيث لا تزال الحاجة قائمة لوضع سياسات واضحة تنظم استخدام الذكاء الاصطناعي وتحمي الخصوصية والبيانات.
التمويل والاستثمار اذ تحتاج الشركات الناشئة والمبتكرون إلى مزيد من الدعم الحكومي والتمويلي لتطوير مشاريعهم.
رابعًا: توصيات لتعزيز الأثر الاقتصادي الإيجابي للذكاء الاصطناعي.
وضع استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي تُركز على البحث والتطوير، وتطبيقات AI في القطاعات الحيوية.
دمج AI في مناهج التعليم العالي والتقني، وتوسيع برامج التدريب المهني في هذا المجال.
تحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي في الشركات التكنولوجية.
تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتسريع تنفيذ الحلول الذكية.
تطوير تشريعات ذكية مرنة توازن بين الابتكار وحماية البيانات والأمن.
بالتالي يمثل الذكاء الاصطناعي فرصة استراتيجية أمام الأردن لتحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز التنافسية الإقليمية والدولية. كما ان الاستثمار في هذا المجال يتطلب رؤية بعيدة المدى، وسياسات داعمة، وتعاونًا وثيقًا بين القطاعين العام والخاص، ومجتمع المعرفة. ومع تجاوز التحديات الحالية، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يصبح رافعة قوية للنمو الشامل والمستدام في الأردن.
*خبير اقتصادي واستثماري