التحول الرقمي.. هل فاتنا القطار؟
رقمنة
الغد ، براهيم المبيضين
بعد مرور سنوات على تبني مفهوم التحول الرقمي، ورغم إقرار الحكومة الحالية استراتيجية وطنية للتحول الرقمي، ما يزال الأردن في بداية الطريق لتحقيق هذا المفهوم وتجسيده بشكله الحقيقي على أرض الواقع، فهذه الانجازات كما يرى خبراء ما تزال قليلة ودون مستوى الطموح، مؤكدين على ضرورة الاسراع والتقدم في هذا الملف الذي سيؤثر انجازه بشكل كبير في تحقيق النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية.
وشدد الخبراء على اهمية الاسراع في التنفيذ وفقا لخطة منهجية مستمرة وعابرة للحكومات تلتزم بها كل اطراف المعادلة وبشراكة حقيقية مع القطاع الخاص، مؤكدين أن الشركات التقنية الأردنية قادرة على لعب دور أساسي بعملية التحول الرقمي في المملكة، خصوصاً أنها قد نجحت بذلك في دول المنطقة والخليج.
واشار الخبراء الى اهمية توفير ممكنات عملية التحول الرقمي من الناحية التقنية مثل الجيل الخامس وتقنيات الحوسبة السحابية والبيانات والذكاء الاصطناعي وتوسيع نطاق تطبيق هذه التقنيات الحديثة واحداث قفزات نوعية في الاستفادة منها لتحسين حياة الناس، مؤكدين اهمية تعزيز الكفاءات الأردنية في هذه التقنيات الحديثة.
ويمكن تعريف التحول الرقمي بأنه عملية دمج وتبني التقنيات الرقمية في جميع مجالات العمل، الامر الذي من شأنه تغيير كيفية عمل القطاعات بمختلف مجالاتها وكيفية تقديمها للقيمة المضافة وآلية تقديم الخدمة للعملاء وطالبي الخدمة، كما وتشمل العملية التغيير في رؤية القيادة وطريقة التفكير وتشجيع الابتكار وطرح نماذج الأعمال الجديدة، بما في ذلك رقمنة الأصول وزيادة توظيف التكنولوجيا لتحسين تجربة متلقي وطالبي الخدمة وأصحاب المصلحة.
وقال المؤسس ورئيس هيئة المديرين في شركة المجموعة المتكاملة للتكنولوجيا “ITG” وليد تحبسم: اننا تأخرنا كثيرا في تطبيق التحول الرقمي، وقد “فاتنا القطار بالفعل” بحد وصفه، وهو ما يعترف به الجميع حتى الحكومات نفسها التي تشرف على هذه العملية، بالرغم من أن كثيرا من برامج التحول الرقمي في المنطقة بنيت ونفذت بعقول وسواعد أردنية.
وأكد على ” إيجابية” قيام الحكومة العام الماضي بإقرار إستراتيجية وخطة تنفيذية للتحول الرقمي، بيد انه اشار الى اننا اليوم مجبرون على الاسراع في التنفيذ ” وهو أمر لن يتأتى دون قفزات نوعية وقرارات جريئة وحوكمة وشراكة حقيقية مع القطاع الخاص وليست شكلية ” للحاق بالركب، والاستفادة من مزايا ومساهمات القطاعين في الاقتصاد بشكل حقيقي.
وبين ان التحول الرقمي يتجاوز “الحكومة الالكترونية”، وهو مفهوم أشمل يجب ان يبنى على “التغيير في النهج والفكر” لتحقيق أهداف عامة كتسهيل حياة المواطن، زيادة الإنتاجية وتخفيض التكاليف في الأعمال، واستخدام التقنية وأجهزتها المختلفة لتحقيق هذه الأهداف، مؤكدا ان الشركات الأردنية قادرة على لعب دور أساسي بعملية التحول الرقمي للمملكة خصوصاً انها نجحت في ذلك في الخارج.
وقال تحبسم: “علينا الاسراع في التنفيذ وفقا لخطة منهجية مستمرة وعابرة للحكومات يلتزم بها كل اطراف المعادلة وبشراكة حقيقية مع القطاع الخاص، وتبني مفهوم التفكير خارج الصندوق لتنفيذ المشاريع وادارتها والتفكير بشكل استراتيجي بدلا من عقلية التحصيل ومعاقبة الملتزم.
وأكد اهمية تقوية بنية تحتية قادرة على الاستفادة من التقنيات الحديثة، وبنك معلومات وطني موحد يحوي بيانات مرجعية، وتفعيل الشراكة الحقيقية والتعاون بين القطاعين الحكومي والخاص الأمر الذي قد ينتج عنه تنفيذ أسرع للخطط ومشاريع التحول الرقمي.
ويرى الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة “إس تي إس” أيمن مزاهرة بأن علينا العمل على وجه السرعة لنتمكن من اللحاق بالركب في مجال التحول الرقمي، وأن نتخذ قرارات تتسم بالجرأة لبناء اقتصاد رقمي تنافسي؛ مؤكدا على ان الكثير من قصص نجاح التحول الرقمي في المنطقة هي بكفاءات أردنية، وخصوصا في دول الخليج.
وبين اهمية تحفيز الثقافة الرقمية المؤسسية، ووضع طريق محدد الأهداف يشمل تحديد جدول زمني للمشاريع ومتابعتها بشكل دوري من جهة عابرة للحكومات. إضافة لتوظيف التقنيات الحديثة والكفاءات القادرة على تنفيذ المشاريع بشكل كفء.
وأكد مزاهرة اهمية إنشاء بنية تحتية قادرة على استضافة التقنيات المطروحة بأنواعها، وبنك معلومات وطني يحوي بيانات مرجعية للحكومات والأفراد، مشددا على أهمية تفعيل التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص (PPP) لبناء وإدارة الأعمال عبر تبني نماذج تعاون ناجحة ومجربة كإدخال مبدأ التعهيد بينهما (Outsourcing) أو مبدأ (BOT)( مبدأ البناء، التشغيل، نقل الإدارة) والتركيز عليه لإنجاز مشاريع عديدة، الأمر الذي قد ينتج عنه تنفيذ أسرع للخطط، خصوصاً عندما تتحمل الشركات الخاصة ذات الخبرة الطويلة جزءاً من المسؤولية ناهيك عن جاهزيتها العالية.
وقال بأن الشركات التقنية الأردنية هي قادرة على لعب دور أساسي بعملية التحول الرقمي في المملكة، خصوصاً أنها قد نجحت بذلك في الخارج.
ومن جانبه الرئيس التنفيذي السابق لهيئة تنظيم قطاع الاتصالات الدكتور غازي الجبور بأن الكثير من الدول في المنطقة قطعت أشواط مميزة في التحول الرقمي، مشيرا الى ان التحول الرقمي هو منظومة متكاملة على مستوى الوطن وليس بالقطعة.
وقال الجبور إن التحول الرقمي يقوم على 4 ممكنات؛ أولها التقنيات ويعني ذلك توفير الأجهزة وأنظمة التشغيل والبرمجيات واستخدام هذه الأنظمة بكفاءة تشغيلية عالية، ثانيا البيانات والتي يفترض على الجهات المعنية أن تقوم بتحليلها بشكل كفء وفعال لتوفير إجراءات نوعية موثوقة وكاملة مع توفير الأدوات للتحليلات الإحصائية والاستشراف المستقبلي، ثالثا توفير الموارد البشرية الكفؤة بحيث تكون قادرة على استخدام البيانات وتحليلها، رابعا العمليات الإجرائية وهو المحور الذي يستخدم كل ما سبق لإنتاج الخدمة ولا بد من مراجعة مراحلها وتحسينها، والتأكد من كفاءتها حسب مؤشرات الكفاءة المعتمدة علميا للعمليات الإجرائية وتحسيناتها.
وبين أن من التنقيات المهمة للتحول الرقمي الحوسبة السحابية، وتقنيات البيانات الضخمة، وتقنيات الذكاء الاصطناعي تكنولوجيا إنترنت الأشياء التي تقود لتطبيق مفاهيم المدن الذكية، وأنظمة النقل الذكية، وخدمات الصحة عن بعد وأنظمة الزراعة الذكية والكثير من الخدمات المتعددة.
وأكد الجبور اهمية توفير الجيل الخامس بأسرع وقت ممكن وذلك لفوائده التقنية المتوقع شمولها لقطاعات أكبر ولا أن ننتظر تطبيق خدمات هذا الجيل كشرط لتنفيذ التحول الرقمي حيث من الممكن تنفيذه بالتكنولوجيا المتوافرة حاليا.
وقال خبير علم البيانات والذكاء الاصطناعي احمد العم بان عملية التحول الرقمي اصبحت في الوقت الحالي من الضروريات وليس الكماليات، مشيرا الى ان من المعضلات التي تواجه الدولة ظهور ما بعد التحول التحول الرقمي وهو التحول الرقمي القائم على البيانات، الذي يعتبر محور الابتكار ويلزم لتنفيذة ان تكون عجلة التحول الرقمي قد اكتملت بنسبه 95 % ليصبح الأردن مصنع لإنتاج المعرفة الرقمية المبنية على أدوات الثورة الصناعية الرابعة.
واكد العم اهمية التركيز على رفع كفاءة الأفراد بأدوات الثورة الصناعية الرابعة كمحور محرك لعجلة الابتكار الرقمي، ولرفع كفاءة الأفراد دور هام جدا في تقليل تكاليف تطوير وتشغيل البنية التحتية للتحول الرقمي.
وبين بأن التحول الرقمي والتحول الرقمي القائم على البيانات يعملان بشكل متواز لتعزيز اتخاذ القرار الذكي على مستوى الدولة وزيادة فرص العمل، لان الذكاء الاصطناعي وعلم البيانات والحوسبة السحابية وانترنت الأشياء تعمل كرافعة لتحسين أداء وابتكار الموظفين.
وقال الخبير في مجال التقنية وصفي الصفدي بان برنامج التحول الرقمي يجب ان يكون “برنامج عابر للحكومات “قائما على محاور رئيسية: اولها رؤية مستقبلية تهدف الى تعزيز وتحسين الاقتصاد والمجمتع والحياة للمواطنين.
وبين بان التحول الرقمي يجب ان يقوم على هدف استراتيجي تضعه المؤسسات، الشركات، الوزارات، الحكومات و/او الدولة بمفهموم شمولي ضمن خطة زمنية محددة الاهداف والاجراءات معززة بنتائج على مستوى القطاعات المستفيدة من هذا التحول ومدى تأثير هذا التحول على المؤسسة، الشركة، الوزارات والدولة لتحقيق نمو مبتكر وشامل ومستدام يعمل على ايجاد فرص عمل، معالجة الفقر والبطالة، الحد من عدم المساواة، تيسير الاجراءات وتسهيلها، تحسين الخدمات المقدمة للعملاء/المواطنين، رفع كفاءة العمل والانجاز، وتحقيق اهداف التنمية المستدامة للدولة.
التعليقات مغلقة.