مقالات

الخبيرة في مجال حقوق الانسان الدكتورة نهلا المومني تكتب لـ ” رقمنة” :كيف يسهم الذكاء الاصطناعي في تحقيق أهداف التنمية  ورؤية التحديث الاقتصادي؟

رقمنة 

*الدكتورة نهلا المومني

يشكل الذكاء الاصطناعي اليوم أداة من أداوات تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بل أنه يشكل عاملا اساسيا في سير بعض الدول بخطوات متسارعة متتابعة ومتلاحقة أكثر من غيرها في المجالات التنموية كافة؛ نظرا لما يوفره من وقت وجهد لصالح انجاز اوسع وأشمل وبطرق ابتكارية ريادية نوعية.

ما يستدعي التوقف مطولا ما تضمنته الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي والخطة التنفيذية المتعلقة بها للاعوام (2023-2027)  ، من مرتكزات  تهدف الى استخدام الذكاء الاصطناعي  لرفع كفاءة عمل القطاع العام في القطاعات ذات الاولوية.

في هذا السياق شملت الخطة التنفيذية للاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي  ثمانية وستون مشروعا مرتبطا بأهداف الاستراتيجية، وتشكل في الوقت ذاته  القطاعات ذات الاولوية في مجالات الصحة والتعليم والنقل والامن الغذائي والمائي وغير ذلك؛ ففي قطاع التعليم تضع الخطة رؤية في استخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين جودة مخرجات التعلم وتقييم الاداء. اما في القطاع الصحي فتحسين الخدمات الطبية المقدمة للافراد وتنظيم الية تحويل المرضى وتحسين خدمات الطوارئ وادارة السجلات الصحية الالكترونية بكفاءة اعلى يشكل احد ابعاد هذه الخطة.

كما تتضمن الخطة توظيف الذكاء الاصطناعي في قطاعات اخرى محورية  في تسريع وتيرة التنمية المستدامة وهي قطاعات المياه والطاقة والنقل؛ ففي قطاع المياه والطاقة تسعى الخطة الى توظيف هذه الاداة في نظام الكشف المبكر للهدر في المياه وتحسين التوزيع ووصول المياه للمواطنين ومراقبة نوعية المياه، وفي قطاع الطاقة اشارت الخطة الى توظيف الذكاء الاصطناعي في نظام التخطيط والتشغيل للاحمال الكهربائية. اما في قطاع النقل والمدن الذكية فتحسين ادارة حركة المرور من خلال جداول زمنية ونظام ادارة الازدحامات وتطوير انطمة النقل الذكي مسائل تعد ذات اولوية.

اما القطاع الاخر الذي تضعه الخطة كأولوية والذي ينطوي على درجة عالية من الاهمية فهو قطاع الزراعة ؛ حيث تضع الخطة ابعادا هامة لتحقيق مفاهيم الامن الغذائي عمليا من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي في عدة مشاريع منها انشاء نظام تنبيه مبكر للمزارعين وانشاء نظام ارشاد زراعي الي وتصنيف خصوبة التربة وغيرها.

اذا نقف اليوم امام استراتيجية وخطة تنفيذية للذكاء الاصطناعي تتسم بالتقدم والنوعية في الطرح؛ والاهم انها تتواءم والمعايير الدولية لحقوق الانسان التي تحث الدول على تحقيق المساواة بين الافراد في التمتع بفوائد التقدم العلمي والذي يعد الذكاء الاصطناعي احد اشكالها، وكذلك توظيفها بما يعزز من كرامة الافراد وجودة الحياة والتمتع بمستوى معيشي ملائم للافراد.

كما تشكل هذه الاستراتيجية بمكوناتها ومشاريعها كافة خطوة للاردن في الاتجاه الصحيح نحو تنفيذ اهداف التنمية المستدامة المتمثلة في سبع عشرة هدفا قامت الاستراتيجية وخطتها التنفيذية بتغطية الغالبية العظمى منها في اطار عملي يحاكي الشعار الاساسي لاهداف التنمية المستدامة(2030) المتمثل بضرورة ” أ لا يبق أحد خلف ركب التنمية”.

كما تشكل الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي وخطتها التنفيذية رافدا وداعما محوريا في اطار الدفع قدما نحو تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي، نظرا لما تشكله هذه المكونات جميعا من حلقة متكاملة متناسقة تخدم بعضها بعضا وتعمل في اطار تنسيقي تكاملي غير منفصل تحقيقا لافضل النتائج.

     ان تطبيق هذه الرؤية الشمولية اليوم يتطلب العمل بعدة مسارات متوازية ابرزها تهيئة بيئة تشريعية تتجاوز اي ثغرات قانونية قائمة ، والعمل على حوكمة الذكاء الاصطناعي وتعزيز اخلاقيات العمل المتعلقة به  وادماجها في السيسات الوطنية القائمة، وتهيئة البنية التحتية الرقمية وبناء القدرات،،، والاهم المضي قدما وبخطوات ثابته نحو توظيف الذكاء الاصطناعي ليسهم في تحقيق وتنفيذ اهداف التنمية المستدامة التي تتوافق ورؤية التحديث الاقتصادي الاردنية ايضا.

*خبيرة في مجال حقوق الانسان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى