رقمنة
*رمزي المعايطة
سلطت زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني بزيارة مركز الابتكار الأردني وهو مركز أبحاث وحاضنة للثورة الصناعية الرابعة (InJo4.0)، والـمقام في مقر غرفة صناعة عمان الضوء على إمكانيات الأردن في تطوير الصناعات الأردنية ودمجها مع قطاع التكنولوجيا الرقمية واهمية إيجاد البيئة الممكنة للنهوض بالصناعات المتقدمة (Advanced Manufacturing) باستخدام تقنيات الثورة الصناعية الرابعة (الذكاء الاصطناعي، إنترنت الأشياء، الروبوتات، الطباعة ثلاثية الأبعاد، البيانات الضخمة، الخ).
وعززت الزيارة الملكية السامية أهمية تحقيق الهدف الرسمي في رؤية التحديث الاقتصادي 2033 لرفع مساهمة قطاع الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي من 18% إلى 25%، وخلق 400 ألف وظيفة جديدة، مع التركيز على التنمية الشاملة (تشمل الشباب، المرأة، المحافظات، والشركات الصغيرة والمتوسطة) في هذا القطاع الاستراتيجي. هذا وقد تجاوزت الصادرات الصناعية الأردنية هذا العام حاجز 5.5 مليار دينار، ما يشكل نحو 91 بالمئة من إجمالي صادرات البضائع الوطنية، وشهد القطاع نموا ملحوظا في الصناعات الكيميائية والدوائية والغذائية والهندسية والملابس.
لتحقيق هدف زيادة مساهمة قطاع الصناعة في الناتج المحلي يجب تركيز السياسات واستراتيجية قطاع الصناعة على الصناعات المتقدمة المدفوعة بالحلول الذكية ضرورة قصوى لرفع تنافسية الصناعات الأردنية وفتح أسواق جديدة ورفع القيمة المضافة للصادرات الأردنية تمكن الصناعة الوطنية من دخول سلاسل التزويد العالمية وجذب استثمارات وشراكات جديدة من الشركات المتعددة الجنسيات والتي تعتبر محرك جذب الاستثمار الأجنبي المباشر في الاقتصاديات الناهضة .
وتعتبر هذه المختبرات وحواضن الابداع الصناعي فاب لابز ( FabLabs ) ومسرعات الريادة (accelerators) مهمة في تنمية الموارد البشرية والاختراع والابتكار والريادة في الصناعات ودمج حلول الرياديين والتكنولوجيا الذكية في الصناعات الأردنية الرائدة (الصناعات الدوائية والمستهلكات الطبية الالكترونيات والتقنيات الزراعية والمكيفات والتصنيع الغذائي والطاقة المتجددة ومواد البناء) .
الأردن يمتلك مختبرات تصنيع رقمية مثل (أردن سترات) في منطقة إربد التنموية ومختبرات جامعة الحسين التقنية وهي جامعة أردنية غير ربحية ، تأسست عام 2016 كإحدى مبادرات مؤسسة ولي العهد، برعاية سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد الميمون. وتهدف الجامعة إلى تطوير التعليم التقني والمهني المستقبلي في الأردن، ورفد سوق العمل بشباب مؤهل في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)، مع التركيز على التعليم العملي والتدريب المهني عالي التقنية والمهارة .
في السنوات الماضية حدثت تطورات تقنية في قطاع الصناعة أسرد بعض الأمثلة :
الصناعة الذكية (Industry 4.0) في المصانع الأردنية
- مصانع الأدوية مثل أدوية الحكمة ودار الدواء والدولية تطبق أنظمة حوسبة تصنيع ذكية MES وDigital Twin، خفضت وقت التوقف عن الإنتاج بنسبة 40% ولديها خطط لإدخال الروبوتات في خطوط الإنتاج وتصنيع الكبسولات والتغليف وصناعة اللقاحات في بيئة معقمة .
- منطقة الموقر الصناعية: 22 مصنعًا جديدًا يطبقون أنترنت الأشياء وأنظمة الصيانة الاحترازية الذكية Predictive Maintenance.
المناطق الصناعية الجديدة المدعومة بحلول
- مدينة الملك حسين بن طلال التنموية (المفرق) تحولت إلى “منطقة صناعية ذكية” بتمويل ألماني 2023–2025، تستخدم شبكة 5G وAI لإدارة الطاقة واللوجستيات .
- منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة: أصبحت مركزا للصناعات الخضراء (فوسفات معالج رقميًا، مشروع الهيدروجين أخضر) مع أول شبكة 5G صناعية في الأردن .
الطباعة ثلاثية الأبعاد والتصنيع السريع
- حاضنة iPARK (في الجمعي العلمية الملكية): تحوي شركة ريادية تنتج الاسنان الاصطناعية والجمالية بتقنية الطباعة الثلاثية لعيادات وجراحين الأسنان
- حاضنة أردن ستارت بدعم من الاتحاد الاوروبي درب 1,200 شاب أردني (30% نساء) ويوفر خدمات طباعة ثلاثية الابعاد لـ150 شركة صغيرة ومتوسطة
الذكاء الاصطناعي في سلاسل التوريد والتصدير
- منصة TradeNet الأردنية (2024): تستخدم الذكاء الاصطناعي لتوقع الطلب العالمي على الفوسفات والبوتاس والألبسة الجاهز، مما ساعد على زيادة الصادرات الصناعية 18% في 2024–2025.
- شركة Optimiza وMabarrat: طورتا نظام ذكاء اصطناعي لتحسين استهلاك الطاقة في 80 مصنع، بتوفير متوسط 22% على فاتورة الكهرباء
- الطاقة المتجددة مع الحوسبة عالية الأداء تطور الصناعة الخضراء
- الأردن يبني أول مركز بيانات ذكية AI Data Center يعمل 100% على الطاقة الشمسية في المفرق عام (2026) بالتعاون مع الإمارات، سيوفر طاقة رخيصة للمصانع المجاورة.
- مصانع الأسمنت (المناصير، لافارج) تستخدم تقنيات ذكاء اصطناعي لتقليل انبعاثات الكربون بنسبة 28% من خلال تحسين عملية الحرق وفعالية الإنتاج .
حسب دراسة غرفة صناعة عمان 1200 شركة صناعية أردنية تستخدم واحدة على الأقل من تقنيات الثورة الصناعية و 42000 وظيفة جديدة تم خلقها في القطاع الصناعي منذ 2022 بفضل التقنيات الحديثة مع نمو قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات 16% سنويًا، يدعم الصناعة مباشرة .
نواة نهوض الصناعات المتقدمة في الأردن يجب دعمها بتوجيه سياسة وزارة الصناعة ووزارة الاستثمار والحكومة لتمكين الصناعات المتقدمة في الأردن ودعم المستثمرين أخذين بعين الاعتبار تسارع زيادة المنافسة في المنطقة العربية (صناعة الالكترونيات ، صناعة السيارات الكهربائية ، اللدائن المتقدمة والصناعات الفضائية)
من التحديات التي تواجها الصناعة رسوم الجمارك العالية على معدات الثورة الصناعي الرابعة والتخزين الذكي . يجب دراسة تحفيض الجمارك والضريبية مثلا على الطابعات الثلاثية الابعاد وموادها .
شمول الصناعات المتقدمة في مظلة قانون الاستثمار وإدخال منظومة الحوافز الذكية مثل الشراء الحكومي المضمون لتعزير الجدوى الاقتصادية (Offtake Agreement) وتوفير حلول الطاقة المتجددة وتحزينها لأغراض الصناعة والمجمعات والمدن الصناعية، مع الاستمرار في تطوير منظومة وتشريعات النقل الذكي وادخال معدات الحلول اللوجستية والمخازن الذكية للتجارة الإلكترونية وسلاسل التزويد. ومن أجل تعزير التصدير أتممته إجراءات التخليص الجمركي وتسهيل استيراد وتصدير معدات الثورة الصناعية وانترت الاشياء والروبوتات ومعدات المناولة في الصناعة والتي تعتبر باهضه الثمن مع توفير التمويل والمنح للصناعات المتقدمة .
يبقى رأس المال البشري في الأردن أغلى ما نملك ونأمل تطوير حاضنات ومختبرات الثورة الصناعية في كافة محافظات المملكة لنقل المعرفة والمهارات وصقل خبرات أجيال المستقبل في ريادة صناعات المستقبل والنهوض بقطاع الصناعات المتقدمة .
الأردن بقيادة الهاشمية الحكيمة والمتشرفة للمستقبل لم يعد ينتظر “النفط أو الغاز”، بل يراهن على “النفط الجديد” وهو البيانات والاقتصاد الرقمي لتحديث الصناعة وتحقيق تنمية شاملة حقيقية.
*خبير في الاقتصاد والاستثمار
