مقالات

المدربة والمحاضرة في مجال الريادة والإبتكار ربى أبو قاعود تكتب لـ “رقمنة”: الحاضنة الثقافية …. الركيزة الحقيقية للإبداع والتنمية

رقمنة 

*ربى أبو قاعود 

في زمن تتسارع فيه التحولات الرقمية والمعرفية، يظل العنصر الثقافي هو المحرّك الأعمق لأي عملية إبداعية في التعليم والاقتصاد والسياسة. فالثقافة ليست ترفًا فكريًا أو نشاطًا جانبيًا، بل هي الحاضنة الحقيقية للإبداع، القادرة على إنتاج أجيال واعية، مبتكرة، وفاعلة في بناء مستقبل أوطانها.

الثقافة والتعليم: شراكة لصناعة المستقبل

حين تتوافر بيئة ثقافية خصبة في المدارس والجامعات، تتحول العملية التعليمية من تلقين جامد إلى مسار إبداعي يعلّم الطالب كيف يفكر، ويحلل، ويبتكر حلولًا لمشكلاته ومشكلات مجتمعه. فالقراءة المنتظمة، والمشاركة في الأندية الثقافية، والتعرض للفنون والآداب، كلها ممارسات تعمّق ملكات التفكير النقدي وتبني هوية متوازنة تتسع للتنوع والانفتاح.

الثقافة والاقتصاد: من الاستهلاك إلى الإنتاج

الثقافة ليست فقط وسيلة للتعبير، بل هي أيضًا مورد اقتصادي يفتح آفاقًا جديدة لفرص العمل والاستثمار. الصناعات الإبداعية، مثل النشر الرقمي، وصناعة المحتوى، والفنون، والسياحة الثقافية، يمكن أن تتحول إلى قطاعات رائدة في الاقتصاد الوطني. وهذا لا يتحقق إلا بتوفير حاضنة ثقافية تدعم الموهوبين، وتشجع على ريادة الأعمال في المجالات الثقافية والإبداعية.

الثقافة والسياسة: وعيٌ يعزز المواطنة

إن المجتمع الواعي ثقافيًا هو مجتمع أكثر قدرة على المشاركة السياسية الإيجابية، حيث تسهم الثقافة في ترسيخ قيم المواطنة، الحوار، وقبول الآخر. فالثقافة تُنتج مواطنًا مسؤولًا، يدرك حقوقه وواجباته، ويشارك بفاعلية في اتخاذ القرارات ورسم السياسات العامة.

رؤى وطنية لبناء الحاضنة الثقافية

لتحويل الثقافة إلى بنية حاضنة للإبداع والتنمية، لا بد من:

1. تعزيز القراءة بوصفها عادة يومية عبر مبادرات وطنية في المدارس والمكتبات والمجتمع المحلي.

2. رقمنة المحتوى الثقافي لتوسيع نطاق الوصول إليه، خاصة بين الشباب.

3. بناء مراكز ثقافية وطنية تعمل كمساحات مفتوحة للتدريب، والابتكار، والحوار.

4. تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص لدعم الصناعات الثقافية والإبداعية.

5. إدماج الثقافة في الخطط التنموية بحيث تصبح الثقافة مكوّنًا أساسياً في السياسات التعليمية والاقتصادية والاجتماعية.

الخلاصة

إن الحاضنة الثقافية ليست مجرد إطار داعم، بل هي القلب النابض للإبداع الذي تحتاجه أوطاننا لمواجهة تحديات المستقبل. ومن خلال الاستثمار في الثقافة، نزرع بذور المعرفة، ونبني جسورًا بين التعليم والاقتصاد والسياسة، لنصنع أجيالًا قادرة على أن تحلم وتحقق، وتحوّل رؤى التنمية الوطنية إلى واقع ملموس.

*المدربة والمحاضرة في مجال الريادة والإبتكار ربى أبوقاعود

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى