مقالات

الخبير في الشأن التقني حسام خطاب يكتب :  كيف غيرت التكنولوجيا وجه نيبال؟

رقمنة 

* حسام خطاب 

بعد ثورة عارمة نجحت قبل اكثر من اسبوع في إسقاط الحكومة النيبالية خلال 48 ساعة، اعتمد متظاهرو نيبال الشباب الاعتماد على التقنية في احتجاجاتهم وقاوموا حجب وسائل التواصل الاجتماعي، وتوجهوا إلى تقنيات VPN ومنصات BitChat و Discord حتى استطاعوا تغيير الوجه السياسي للدولة وتنحية الحكومة من منصبها.

في التفاصيل ، وخلال الشهر الجتري شهدت نيبال حراكا شعبيا بقيادة الشباب أو Gen Z. بعد حظر حكومي لوسائل التواصل الاجتماعي، المتظاهرون حولوا أنظارهم نحو منصات بديلة ساعدت في التنظيم والتنسيق. الحراك الذي بدأ ضد الفساد، أجبر رئيس الوزراء على التنحي واستلمت امرأة للمرة الأولى في تاريخ البلاد دفة القيادة.

المظاهرات انقدت شعلتها بعدما حظرت الحكومة 26 منصة تواصل اجتماعي شاملة الفيسبوك والإنستغرام والواتساب واليوتيوب.

 الحكومة ادعت أن تلك المنصات فشلت في الالتزام بالتعليمات الحكومية. الحظر حجب الخدمات الرقمية الاجتماعية عن ملايين المستخدمين الذين اعتبروه وسيلة للتضييق على الحريات.

ولكن شباب نيبال توجهوا مباشرة نحو تطبيقات خدمات VPN، بالإضافة إلى تنزيل تطبيق جاك دورسي الجديد BitChat الذي يعتمد على خاصية البلوتوث في التواصل.

 

وكانت نتائج استخدام هذه التقنيات كما يلي :

استخدام VPN زاد بنسبة 6000%

نسبة تنزيل تطبيق BitChat زادت بنحو 1400%.

نشط استخدام منصة الألعاب Discord خلال المظاهرات، إذ أن بعض القنوات عليه انضم إليها 145 ألف شخص.

هاشتاغ NepoKids انتشر كالنار في الهشيم على مختلف المنصات المتوافرة.

 

ان حجب الإنترنت أو مواقع التواصل الاجتماعي لم يخدم الحكومة؛ لأن المتظاهرين تكاثروا على منصة BitChat ذات الاتصالات المشفرة والتي لا تحتاج إلى إنترنت. المنصة ساعدتهم في التواصل فيما بينهم بعيدا عن الحظر، ومكنتهم على التنظيم والتنسيق.

وأما منصة Discord المخصصة للألعاب الإلكترونية أصبحت برلمانا رقميا بين الشباب. استضافت نقاشاتهم، وبعدها ساعدت في اختيار الرئيس المؤقت القادم. نظموا تصويتا عليه، ومعظم الأصوات أتت لصالح قاضية نيبالية عرف عنها الاستقامة وخدمة الصالح العام.

واسهم هاشتاغ NepoKids في تأجيج نيران التظاهر، وصار المتظاهرون يشاركون عليه صور رموز النظام السابق وبذخهم في العيش، حتى عم الغضب شتى البلاد. وهذا الهاشتاغ أظهر حجم الغضب، ودفع الرئيسة المؤقتة لاستلام المنصب وتكريم ضحايا الاحتجاجات.

لم تنتبه الحكومة السابقة الى اهمية التقنية ، وقللت من قوتها ، وكان في الطريق احتجاج رقمي على الفساد تدحرج ككرة الثلج حتى بات احتجاجات عنيفة دامية في شوارع نيبال. كل ذلك بسبب المنصات البديلة التي عرف المتظاهرون استغلالها أيما استغلال.

نيبال الآن في عملية انتقال سياسي، والاحتجاجات أبرزت كيف أن الشباب الذين تربوا في عصر التقنية قادرون على التحايل على وسائل الحظر والحجب. تفكيرهم سبق تفكير المسؤول الحكومي، وقد نجحوا في تغيير دفة البلاد في غضون أيام معدودة، وكل ذلك بمباركة التقنية التي لم يفطن لها صانع القرار وهو يدرج توقيعه على قرار الحظر.

فكان ما كان!

* خبير في التقنية والامن السيبراني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى