مقالات

المدير التنفيذي لشركة “إنتروجيت” سمر عبيدات تكتب لـ ” رقمنة” …. تعليم ريادة الأعمال للصغار ضرورة وليس ترفًا

رقمنة 

*سمر عبيدات

في عالم سريع التغير، لم تعد المعرفة الأكاديمية وحدها كافية لتجهيز أبنائنا لمواجهة تحديات المستقبل. فوفقًا لتقارير عربية صادرة عن منظمات مثل “المنتدى العربي للابتكار وريادة الأعمال”، فإن أكثر من 70% من أنظمة التعليم في العالم العربي ما زالت تركّز على الجوانب النظرية والأكاديمية، في حين تغيب المهارات الحياتية والريادية عن مناهج التعليم الأساسية. هذا التفاوت بين ما يتعلمه الطلبة في المدارس وما يحتاجه سوق العمل والمجتمع، يجعل من تعليم ريادة الأعمال ضرورة ملحّة، وليست مجرد خيار إضافي.

 ريادة الأعمال لا تعني فقط تأسيس مشروع أو شركة، بل هي عقلية، وأسلوب حياة، يُعلّم الطلاب كيف يواجهون التحديات، ويتخذون المبادرات، ويفكرون بشكل نقدي ومبدع. حين ندرّس أبناءنا هذه المهارات، فإننا لا نعدّهم فقط لمهن الغد، بل نبني في داخلهم شعورًا بالمسؤولية تجاه مجتمعاتهم، ليصبحوا مواطنين فاعلين يسهمون في إيجاد حلول للمشكلات الاجتماعية والاقتصادية من خلال أفكارهم وابتكاراتهم.

 الطلبة الذين ينخرطون في برامج ريادة الأعمال يطورون مجموعة غنية من المهارات التي لا تغرسها المناهج التقليدية. من أبرز هذه المهارات العمل الجماعي، إذ يتعلّم الطلبة كيف يوزّعون الأدوار ويتعاونون على تنفيذ فكرة أو مشروع؛ حل المشكلات، حيث يواجهون تحديات حقيقية ويتدربون على تحليلها واختبار حلول مبتكرة؛ التخطيط الشخصي والاستراتيجي، من خلال بناء خطوات تنفيذية وتحقيق أهداف ضمن أطر زمنية وموارد محددة؛ الثقافة المالية، والتي تُمكّنهم من فهم مفاهيم الدخل، والمصاريف، والادخار، والاستثمار منذ سن مبكرة؛ إلى جانب مهارات التواصل الفعّال، والقيادة، وإدارة الوقت، والمرونة في التعامل مع التغيير.

واحدة من الدراسات الصادرة عن “المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم” (الألكسو) تشير الى أن الطلبة الذين يتعرضون لتجارب ريادية خلال سنوات الدراسة تزيد فرصهم بنسبة 60% في تطوير مبادرات مجتمعية أو مشاريع مستقبلية مقارنة بزملائهم الذين تلقوا تعليمًا تقليديًا فقط.

 ولأن العالم الذي نُعدّ أبناءنا له اليوم، مختلف تمامًا عمّا عرفناه في الماضي، فمن غير المنطقي أن نظل نحصرهم في أروقة التعليم النظري وحده. فمع التطور السريع في التكنولوجيا، وتحوّل الاحتياجات المجتمعية، وارتفاع نسب البطالة بين الشباب في بعض الدول العربية لتتجاوز 25%، بات من الضروري أن نجهّز الجيل القادم بمهارات مرنة تمكّنهم من خلق الفرص بدل انتظارها.

 إن دمج ريادة الأعمال والابتكار في العملية التعليمية منذ المراحل المدرسية الأولى ليس ترفًا، بل هو استثمار في بناء جيل مبدع، مستقل، وواعٍ بقضايا مجتمعه. جيل لا يبحث فقط عن وظيفة، بل يسعى ليكون صانعًا للتغيير، ومبادرًا للحلول، ومؤثرًا في مجتمعه. لنمنح أبناءنا هذه الفرصة، فهم يستحقون تعليمًا يُشعل فيهم شرارة الابتكار، لا يُطفئها.

*المدير التنفيذي لشركة انتروجيت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى