ريادة الأعمال.. أردنيون يتجاوزون البدايات وينطلقون نحو “الابتكار”
رقمنة
الغد – ابراهيم المبيضين
عمان – على مدار العقدين الماضيين تطورت بيئة ريادة الاعمال في المملكة لتساعد في رسم صورة مشرقة للأردن ومواهبه المميزة وليبرز مفهوم ريادة الاعمال واهميته لدعم النمو الاقتصادي والمساهمة في حل مشكلة البطالة، وخصوصا مع وجود دعم واهتمام ملكي بهذا القطاع الحيوي.
جلالة الملك عبدالله الثاني أكد في اكثر من مناسبة أهمية تطوير ريادة الأعمال لدورها في توفير فرص عمل مستدامة تسهم في معالجة مشكلتي الفقر والبطالة، وتحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة، وأهمية تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص في توفير البيئة الحاضنة والداعمة لقطاع الريادة في المملكة وتحويل الأفكار الريادية إلى مشروعات منتجة.
العشرات من الشركات الناشئة أسسها رياديون أردنيون داخل وخارج الأردن بأفكار مميزة تعتمد التقنيات الحديثة ابتكرها شباب أردني درس ونشأ في الأردن واستطاع ان يطور شركات تمكنت من التوسع والنمو والعمل في اسواق خارجية، فيما تمكنت اخرى من استقطاب عشرات ملايين الدولارات من الاستثمارات والاستحواذات والشراكات من جهات عربية وعالمية.
وركزت رؤية التحديث الاقتصادي على محور ريادة الاعمال والابداع وتضمنت خطتها العديد من البرامج والمشاريع الداعمة لهذا القطاع.
وشهدت السنوات العشر الماضية طفرة وتطورا أوصل خريطة ريادة الاعمال في الأردن الى ما يمكن ان نطلق عليه اليوم “منظومة” تحتل المركز الرابع على مستوى الإقليم، مع وجود حوالي 20 مؤسسة تمويلية للمشاريع الريادية منها 14 صندوقا استثماريا خصصت مجتمعة 110 ملايين دولار للاستثمار في المملكة، وأكثر من 40 حاضنة ومسرعة أعمال في المملكة.
وبلغة الارقام الأردن يحتضن 200 شركة ناشئة مسجلة، كما تظهر الأرقام أن العام 2021، شهد ارتفاعا في حجم الاستثمار في الشركات الناشئة في المملكة، إذ وصل إلى حوالي 120 مليون دينار، مقارنة بحوالي 20 مليونا في العام الذي سبقه.
دراسة محايدة لجمعية “إنتاج”، أظهرت أن عدد الشركات الريادية في الأردن يتجاوز 400 شركة معظمها تقنية، أو تطوع التقنية لخدمة القطاعات الأخرى مثل، التعليم والصحة والتجارة والمالية والزراعة وغيرها من القطاعات، حيث وفرت هذه الشركات حتى يومنا هذا حوالي 3.5 ألف وظيفة مباشرة، فيما أظهرت دراسة أخرى أن هناك أكثر من 300 شركة ريادية اجتماعية
وزير الاقتصاد الرقمي والريادة احمد الهناندة قال لـ”الغد” ان الحكومة مستمرة في بذل كافة الجهود لتطوير بيئة ريادة الاعمال في الأردن التي اعتبرها من الانشط على مستوى المنطقة.
واكد ان الأردن كان سباقا في تطوير شركات ناشئة شهدت تميزا وتفوقا عربيا وعالميا، لافتا الى ان أول صندوق استثمار بالريادة بدأ في عام 1988 بمبلغ مالي صغير جدا نحو 2 مليون ولكنه أنتج عددا كبيرا من الشركات الناجحة، لافتا إلى وجود أكثر من 20 صندوقا استثماريا في الأردن ووجود توسع بهذا الجانب.
وأشار إلى أن أول حاضنة أعمال في الوطن العربي كانت في الأردن وبتوجيهات من جلالة الملك في عام 2001.
وقال الهناندة ان بيئة ريادة الاعمال تطورت كثيرا خلال السنوات القليلة الماضية واصبحت توفر اليوم الكثير من التسهيلات والدعم الذي لم يكن متوافرا امام الرياديين الاوائل قبل اكثر من عقدين من الزمن وخصوصا في مجال التمويل.
واشار الى ان الحكومة اعدت واقرت ” السياسة الوطنية لريادة الاعمال” في الأردن في عام 2022 والتي تضمنت تحديد احتياجات رواد الأعمال في مراحل تطورهم المختلفة، بدءًا من مرحلة ما قبل التأسيس إلى مراحل النمو والتطور، كما تم تشكيل المجلس الوطني لريادة الأعمال والذي يضم في عضويته أصحاب الخبرة والاختصاص من القطاعين العام والخاص ومنظمات المجتمع المدني، بحيث يشغل %70 من عضوية المجلس أعضاء من القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني، و30 % من القطاع العام من الوزارات والمؤسسات الحكومية ذات العلاقة.
وقال ان الحكومة ماضية اليوم في تنفيذ خطة سياسة ريادة الاعمال بما تحتويه من برامج ومشاريع تساعد في تطوير بيئة ريادة الاعمال في العديد من المحاور منها التعليم والثقافة والتسويق والتمويل والوصول الى الاسواق وغيرها من المحاور.
ولتنفيذ السياسة قال الهناندة انه تم في وقت سابق تأسيس وحدة خاصة في الوزارة تُعنى بمتابعة تنفيذ المشاريع الواردة في الخطة التنفيذية للسياسة.
والى جانب الجهود الحكومية في مجال تطوير بيئة ريادة الاعمال عملت صناديق وشركات وجهات حاضنة لريادة الاعمال على جهد كبير لدعم رياديي الاعمال في الأردن منها شركات الاتصالات الرئيسية العاملة في السوق المحلية والتي اسست جميعها برامج لدعم الريادة، الى جانب القطاع المصرفي الذي اهتم بهذا المجال، وجهود كبيرة قامت بها جمعية ” انتاج” فضلا عن تاسيس صناديق منها صندوق اويسس 500 الذي استثمر في العشرات من الشركات الناشئة في الأردن، ومركز الملكة رانيا للريادة وغيرها الكثير من حاضنات الاعمال.
وأصدرت وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة، اواخر العام الماضي بالشراكة مع شركة “ما جنيت” المتخصصة في بيانات الاستثمار الجريء في الشركات الناشئة، تقريرا حول بيئة ريادة الأعمال في الأردن والمحركات الرئيسة لنموه.
وبين التقرير أن الأردن حصد 246 مليون دولار عبر 220 صفقة على مدى السنوات الخمس الماضية.
وأضاف التقرير أن الأردن يعتبر من أسرع أنظمة رأس المال الاستثماري الجريء نموا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مشيرا إلى أنه حصل على المركز الرابع في كل من التمويل الجريء وعدد من الصفقات.
وأشار إلى أن الأردن شهد عددا من عمليات الاستحواذ التي قامت بها بعض الشركات في الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية.
ولكن رغم هذا التطور الكبير والمشهد المحفز لدخول عالم ريادة الاعمال الى ان بيئة ريادة الاعمال بحاجة اليوم الى مزيد من العمل على العديد من المحاور حتى نوصلها الى مرحلة النضج والاستفادة من الآثار الاقتصادية المؤثرة والحقيقة في الاقتصاد.
وقال المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة “ستارت ابز” محمد خواجا اننا اليوم بحاجة الى تدعيم العديد من المحاور لتطوير بيئة ريادة الاعمال الأردنية من خلال التركيز على الدعم الحكومي والتشريعي بتبني سياسات تشجع على الابتكار وريادة الأعمال، مثل التسهيلات الضريبية للشركات والصناديق الاستثمارية المغامرة.
واكد خواجا، الذي يمتلك خبرة واسعة في مجال الاستثمار وريادة الاعمال انه يجب العمل والتركيز على محور التمويل والاستثمار بالتركيز على توفير مصادر تمويل متنوعة مثل رأس المال المخاطر، القروض الصغيرة، وبرامج دعم الشركات الناشئة.
واشار الى اهمية العمل على محور التعليم والتدريب بتطوير برامج تعليمية وتدريبية مركزة على ريادة الأعمال والابتكار، وتوطينها في الجامعات.
ويرى خواجا بأن هناك اهمية كبيرة للتركيز على القطاعات الواعدة بتحديد ودعم القطاعات التي لها إمكانات نمو عالية في الأردن، مثل التكنولوجيا، الطاقة المتجددة، والسياحة.
ولفت الى اهمية تعزيز التعاون الإقليمي والدولي عبر بناء علاقات مع النظم البيئية لريادة الأعمال الأخرى لتبادل الخبرات وفتح أسواق جديدة وخاصة مع دول الخليج لمحدودية السوق المحلية.
من جانبه أكد الرئيس التنفيذي للصندوق الأردني للريادة محمد المحتسب ان منظمة ريادة الاعمال الأردنية شهدت خلال السنوات الماضية تطورا لافتا وملحوظا حتى انها احتلت المرتبة الرابعة على مستوى الاقليم، وخصوصا مع تفوق شركات ناشئة أردنية وقدرتها على جذب استثمارات عربية وعالمية، الى جانب قصص نجاح متعددة تؤكد على الموهبة الأردنية.
وأشار الى جهود كبيرة تبذلها كل الاطراف المعنية بريادة الاعمال اليوم لتطوير اكبر على منظومة ريادة الاعمال، من الحكومة والقطاع الخاص وحاضنات الاعمال والصناديق الاستثمارية والمنظمات المهتمة بتنمية المهارات ومفاهيم الريادة.
وللوصول الى حالة كبيرة من النضج اكد المحتسب انه يجب اليوم العمل بجد على العديد من المحاور لعل اهمها محور التعليم والثقافة الريادية ومواءمة مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل.
وأكد المحتسب اهمية العمل على الجانب التشريعي وتطوير القوانين المرتبطة بريادة الاعمال وتحسينها بشكل يساعد الرياديين في تنمية شركاتهم في كل مراحها: التأسيس والنمو والتوسع.
وأشار الى اهمية ايجاد نظام ضريبي ملائم وعصري ينسجم مع متطلبات الشركات الناشئة والصناديق الاستثمارية العاملة في الأردن. وشدد المحتسب على اهمية الحفاظ وزيادة تدفق رؤوس الاموال والاستثمارات في الشركات الناشئة واستقطاب اكبر عدد من صناديق رأس المال المخاطر المتخصصة في الاستثمار بقطاع الشركات الناشئة وخصوصا في المراحل الاولية لهذه الشركات التي ما تزال بحاجة الى ضخ اموال فيها.
وقال الخبير في مجال ريادة الاعمال نضال قناديلو بأن منظومة ريادة الاعمال بحاجة اليوم الى تطوير لتصل الى مرحلة تستطيع فيها تخريج اكبر عدد من الشركات الناشئة ذات الجودة العالية والقادرة على احداث اثر اقتصادي كبير ومستدام.
وقال قناديلو ان الشركة الناشئة ذات الجودة العالية هي الشركة صاحبة الفكرة المميزة والقادرة على جلب الاهتمام واستقطاب الاستثمار والقابلة للنمو والتوسع مستقبلا.
ولفت الى جهود الحكومة في هذا المجال وضرورة الاسراع في تطوير وتنفيذ برامج وتدريب وفعاليات وآليات يمكن ان تخرج اكبر عدد من الشركات الناشئة الأردنية ذات الجودة العالية.
التعليقات مغلقة.