
رقمنة
في ظل واقع خدماتي منهك في سوريا إثر 14 سنة من الحرب، تعمل وزارة الاتصالات والتقانة السورية بكل طاقاتها لخلق بيئة مناسبة تغيّر المجريات على الأرض.
و أعلنت وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات، الأسبوع الماضي، عودة مجموعة نوكيا للاتصالات.
كما وقعت مع شركات أردنية مذكرات تفاهم لتوريد سعات إنترنت من الأردن، سعياً لتحسين جودة خدمة الإنترنت في البلاد.
كذلك وقّعت الوزارة اتفاقية إطارية مع شركة آرثر دي ليتل (ADL)، إحدى أبرز الشركات الاستشارية العالمية، من أجل تحقيق أفضل الممارسات في تطوير المشروعات الوطنية العملاقة التي أطلقتها الوزارة مثل سيلك لينك وبرق، ودعم مشاريع تطوير شبكات الخليوي المستقبلية.
“استعادة هذا الكنز”
عن هذه التطورات أوضح وزير الاتصالات وتقانة المعلومات عبد السلام هيكل في مقابلة حصرية مع “العربية/الحدث.نت”، أن سوريا بلد العقول والخبرات، لكنها أهملت بسبب سنوات الحرب، مشدداً على أن الوزارة ستبذل كل جهد لاستعادة هذا الكنز.
وأضاف أن سوريا تستحق الأفضل، وأن السوريين يستحقون بعد كل هذا العناء أن يحظوا بخدمات عالمية.
ولفت إلى أن سوريا توقفت عن النمو 15 عاماً كاملة، نما خلالها العالم 50 عاماً.
كما أشار إلى أن الوزارة تدرك تماماً أهمية خدمات الاتصالات والإنترنت بالنسبة لأبسط مفاصل الحياة اليومية لدى السوريين، لهذا فإنها تضع نصب أعينها مهمة أن تضع بين أيديهم أفضل شبكة على الإطلاق، مما سيتيح فرصاً جديدة في تمكين الاقتصاد الرقمي كذلك.
أيضاً أشار إلى أن الوزارة تملك من الخبرات الوطنية ما يجعلها قادرة على العمل وتحقيق الأفضل، لافتاً إلى أنها تتلقى عروضاً من سوريين مختصين مغتربين للمساعدة.
وشدد على أن تلك القدرة تسمح بتنفيذ مشاريع هامة تليق بسوريا الجديدة وشركائها.
الخطوات العملية
كشف وزير الاتصالات السوري عبد السلام هيكل، أن الوزارة تعمل على خطة لتقوية شبكة الإنترنت في مناطق الجنوب باتفاقيات لتوريد الإنترنت مع الأردن.
وفي الشمال باتفاقيات مع تركيا، وللساحل والوسط باتفاقيات مع قبرص، موضحاً أن ذلك يحتاج ترميماً بالبنية التحتية التي تصل هذه الدول مع سوريا، وهو ما يتطلب بضعة أسابيع لإتمام هذه الوصلات والبدء بتوريد الإنترنت.
كما لفت إلى أن المواطن سيشعر بالفرق مع حلول رأس السنة القادمة 2026 بشكل جزئي، لكن التطور الأكبر سيحدث مع إطلاق مشروعي سيلك لينك وبرق.
وشبه هيكل الوضع وكأنه طريق ضيق باتجاهين، فمهما وسعته أو فتحت منافذ فيه أو طورت إدارته فلن تتمكن من حل الازدحام وتراكم آلاف السيارات فيه إلا ببناء أوتوستراد واسع مناسب لحجم حركة السير، وهذا أمر يتطلب الوقت، وفق تعبيره.
وأشار إلى أن هناك عروضاً عالمية عرضت على الوزارة وهي قيد الدراسة لاتخاذ القرار النهائي بشأنها، مشدداً على أن الرؤية واضحة بشأن تلك الخطط والهمة عالية جداً.
أيضاً أكد أن سوريا تعمل على أعلى المعايير العالمية مع الأخذ في الاعتبار أهمية عامل الوقت والتعلّم من الأخطاء بعد تجاوزها، والتسلّح بالشفافية.
وشدد على أن سوريا ستكون لها تجربتها وخصوصيتها كأي بلد، لكنها لا تنوي اختراع معايير جديدة، بل ستعمل على الاستفادة من التجارب الناجحة.
ورأى أن الاتفاقيات الجديدة المبرمة ما هي إلا جزء من تحول سياسي كبير تشهده سوريا، خصوصاً أنها باتت منفتحة على العالم ولديها من الخبرات ما يكفيها.
التدخلات الإسعافية
أوضح هيكل أن الوضع التقاني في سوريا احتاج حلولاً إسعافية عملت عليها الوزارة خلال الأشهر الماضية، مشدداً على أن الحاجة اليوم أكبر من تلك الحلول.
وأكد أن الوزارة تعمل بأقصى ما تملك للوصول إلى المعايير العالمية خصوصاً بالنسبة للإنترنت.
كذلك لفت إلى أن خدمة VPN وإمكانية الاستغناء عنها تعود إلى الإجراءات الأميركية، لافتاً إلى أن الوزارة تعمل مع كبرى الشركات الأميركية لحل هذه الأزمة وإعادة خدماتها إلى سوريا، مستشهداً بقرار شركة غوغل الأخير التي أعلنت إزالة سوريا من قائمة عقوبات مكتب مراقبة الأصول الأجنبية.
وأعلن الوزير أن شركة Apple تحركت بالاتجاه ذاته، لافتاً إلى أن الإدارة الأميركية أبدت تعاوناً استثنائياً بهذا الخصوص.
الخدمات والأسعار
لفت وزير الاتصالات وتقانة المعلومات السوري عبد السلام هيكل في مقابلة حصرية مع “العربية/الحدث.نت”، إلى أن المواطن السوري يشعر بالغبن بسبب سوء الخدمة وليس ارتفاع الأسعار، مشدداً على أن الوزارة تعمل لتحسين الجودة بما يتناسب مع السعر الذي يعتبر أقل من المعدلات العالمية.
وتابع أن الجودة تختلف جغرافياً، لكن الوزارة وشركاءها من مشغلي الخدمات في قطاع الاتصالات يعملون على تحسين خدمات التغطية عبر البلاد، مشيراً إلى أن مشكلات التغطية بعضها سببه التقنين الكهربائي، رغم ذلك لفت إلى تحسن ملحوظ على الطرقات الدولية حيث شهد خط دير الزور الدولي فرقاً.
وكشف عن تحديات أمنية تعرقل الجهود، أهمها سرقة المعدات على الطرقات وأسلاك الكهرباء، ومع ذلك هناك تحسن على الطرقات الدولية بحوالي 30%، لكنه غير كافٍ لهذا يكاد المواطن لا يشعر به.
كذلك أكد وجود تعاون مع وزارة الكهرباء ووزارة الداخلية لتجاوز هذه العراقيل.
“التجربة السعودية”
وعن الطريقة التي تعمل عليها الوزراة من أجل إدخال المستخدم السوري إلى عالم التكنولوجيا، أشار هيكل إلى أن ذلك سيكون من خلال كسب ثقته.
وشرح أن تجربة المستخدم السهلة هي من تدفعه لتكرارها، مستشهداً بأن أغلب السوريين من مختلف الأعمار يستعملون وسائل التواصل الاجتماعي خصوصاً (فيسبوك وواتساب)، وفي حال كانت تطبيقات الخدمات بذات الانسيابية والوثوقية فلن يمانع أي مواطن من اللحاق بركب التكنولوجيا، واستخدام أي تطبيقات أخرى بما في ذلك التطبيقات المالية.
وأكد أن التجربة السيئة المعقدة أو عدم وثوق المستخدم بمقدم الخدمة هي من تنفر الجمهور من التطبيق، لافتاً إلى أن الوزارة تعمل على النقطة.
وأضاف أن السعودية مثلاً لها تجربة استثنائية في نجاح التطبيقات الحكومية واعتماد المواطنين لها، والاطلاع على هذه التجربة سيكون جزءاً من برنامج الزيارة إلى السعودية التي تبدأ اليوم السبت.
الخطاب التحريضي
أكد وزير التقانة السوري أن خطاب الكراهية والطائفية على السوشال ميديا هو أحد ظواهر العصر.
رغم ذلك أوضح أن السوشال ميديا لا تمثّل الواقع في سوريا بنسبة 100%، والاحتقان الذي يجده الإنسان في التعليقات ليس موجوداً في الشارع بنفس الشدة، وهذا يتماشى مع طبيعة الأمور عالمياً.
وشدد على وجود مئات الآلاف من الحسابات الوهمية التي لا يمكن التعامل معها بكفاءة إلا بعد معالجة الإجراءات الأميركية التي تمنع حالياً التعاون المباشر مع المنصات العالمية، وبالتالي لا تتوفر للحكومة السورية أدوات مكافحة التضليل والحسابات الوهمية التي تملكها الحكومات الأخرى.
وأضاف أن تلك الحسابات الوهمية تنشر آلاف المعلومات المضللة والأحداث الطائفية، وتمارس التحريض، لافتا إلى أن 70% منها تدار من خارج سوريا، مشيرا إلى أن الوزارة لا تستطيع التعامل مع هذه الحسابات دون تعاون أميركي.
إلى ذلك، أوضح أن قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية موجود في سوريا لكنه ليس من مهمة وزارة الاتصالات، وذلك لأن الأخيرة لديها أدواتها لمحاربته.
وأعلن عن وجود نقاش داخل الحكومة كأي حكومة مسؤولة لحل مشكلة الخطاب التحريضي والمعلومات المضللة الطائفية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وختم الوزير أنه من الصعب تقييم الإنجازات في مرحلة مبكرة من العمل وفي ظل وضع استثنائي تمر به سوريا، خصوصاً من ناحية غياب الخدمات التي تعتبر بديهية.
ورأى أنه من الضروري أن تبذل الحكومة كل الجهود للوصول لأفضل النتائج، وهو ما يتطلب بعض الوقت مع المحاكمة الصائبة.
يذكر أن شركة غوغل الأميركية كانت أعلنت قبل أيام، إزالة سوريا من قائمة عقوبات مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، ما يتيح استئناف الخدمات الإعلانية في البلاد، لأول مرة منذ بدء الإجراءات التقييدية عام 2004، وتوسيعها بشكل ملحوظ عام 2011.
ووفقاً لتحديث السياسة الرسمي للشركة، فإن هذا “التغيير يشمل منصات إعلانية متعددة، حيث سيتم تحديث سياسة المتطلبات القانونية لإعلانات الشركة، وصفحة مركز المساعدة، لتعكس إزالة سوريا من قائمة عقوبات مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الأميركي”.
كما يُعد هذا التعديل تطوراً هاماً في إمكانية الوصول إلى التسويق الرقمي في منطقة الشرق الأوسط، حسب ما نقلت وكالة الأنباء السورية.
وأشارت غوغل إلى أنه سيُطلب من الناشرين والمعلنين، المتأثرين سابقاً بالعقوبات السورية، استعادة حساباتهم عبر إجراءات التحقق القياسية من الشركة، ومراجعة الحسابات المُعلّقة بسبب القيود الجغرافية يدويا، قبل إتاحة استعادة الخدمة.
المصدر : العربية نت