جامعات ومدارسذكاء اصطناعيرقمنة التعليم

هل ما زالت الجامعات مكاناً للتعليم في عصر ال تشات بت ChatGPT

رقمنة

تبدو الحياة سهلة للغاية بالنسبة لكثيرٍ من طلاب الجامعات في هذه الأيام،  وبعد ان كانت الواجبات تتطلب أياماً من البحث الدؤوب يمكن إنجازها الآن في دقائق.

واظهرت تقارير حديثة أن تفويض أداء الواجبات للذكاء الاصطناعي أصبح أمراً روتينياً. والمفارقة أن الطلاب الذين لا يزالون يبذلون الجهد غالباً ما يبدون أقل كفاءة مقارنة بزملائهم الذين لا يفعلون.
ويجد الأساتذة صعوبة أقرب إلى الاستحالة في التمييز بين النصوص التي أنتجتها الحواسيب وتلك التي كتبها الطلاب والأدهى، أنهم بدأوا باستخدام الذكاء الاصطناعي بأنفسهم لتقييم أعمال طلابهم.
واصبح الوضع لا يمكن تحمله ، والحواسيب تقوم بتصحيح أبحاث كتبتها حواسيب، وطلاب وأساتذة يراقبون بلا اكتراث، وآباء يدفعون عشرات آلاف الدولارات سنوياً مقابل هذه الميزة. وفي وقتٍ تتعرض فيه المؤسسات الأكاديمية لهجوم من زوايا عدة، يبدو أن هذه أزمة على وشك الانفجار.
ويبدو إدخال الذكاء الاصطناعي ضمن المناهج الجامعية منطقياً من نواحٍ عدة إذ تشير بعض الأدلة إلى أنه قد يعزز التفاعل. كما أنه يعيد بالفعل تشكيل أوصاف الوظائف عبر مختلف الصناعات، وسيُتوقع من الخريجين بشكل متزايد أن يكونوا بارعين في استخدامه. وبوجه عام، هذا أمر جيد نتيجة لتحسن الإنتاجية وتسارع الابتكار.
ويقوم الذكاء الاصطناعي باختزال العملية الفكرية ، لكن أغلب التعلم الذي يتم في الجامعات ليس مهنياً. فالعلوم الإنسانية، على وجه الخصوص، لها رسالة أسمى وهي تشجيع التفكير النقدي، وتكوين عادات ذهنية، وتوسيع الآفاق الفكرية لتعريف الطلاب بـ”أفضل ما قيل وفُكر فيه” .

                             سياسات ضبابية تجاه الذكاء الاصطناعي
أما بالنسبة للكليات، فيجب أن تكون الخطوة الأولى هي التعامل مع الأمر بجدية. فكثير منها لديه سياسات ضبابية أو مبهمة بشأن الذكاء الاصطناعي، ويبدو أن عديد منها يأمل أن تختفي المشكلة من تلقاء نفسها. يجب عليها أن توضح بدقة متى يكون استخدام هذه الأدوات مقبولاً من الناحية المثالية، تحت إشراف أستاذ وضمن غرض تربوي واضح وما هي العواقب المترتبة على سوء الاستخدام. وهناك سوابق عدة: على سبيل المثال، أظهرت مواثيق الشرف أنها تقلل من الغش، لا سيما عندما تأخذ الكليات هذه المواثيق على محمل الجد، ويعرف الطلاب تماماً ما هو السلوك غير المقبول، وتُفرض العقوبات على المخالفات حسب الأصول.
وهناك خطوة أخرى واضحة هي زيادة التقييمات داخل الصف إذ أن مطالبة الطلاب بإجراء اختبارات باستخدام الورقة والقلم لا يمنع فقط الغش في يوم الامتحان، بل يوفر أيضاً حافزاً طوال الفصل الدراسي لإتقان المادة. وكذلك الحال بالنسبة للامتحانات الشفهية؛ يجب على الكليات أن تجرب أساليب تقييم أخرى مبتكرة وصارمة تأخذ الذكاء الاصطناعي في الاعتبار. لا شك أن كل هذا سيتطلب مزيداً من العمل من الأساتذة، لكن عليهم إدراك أن ذلك يصب في مصلحتهم المباشرة.
التكنولوجيا جزء من الحل
على المدى الطويل، قد تكون التكنولوجيا جزءاً من الحل ، حيث وجدت تحقيقات “بلومبرغ بيزنس ويك” العام الماضي أن أدوات كشف النصوص التي ينتجها الذكاء الاصطناعي لا تزال محدودة القدرات ،  فهي سهلة المراوغة ومعرضة لإعطاء أخطاء إيجابية كاذبة ، لكن مع تشديد الكليات إجراءاتها، يجب أن ينضج السوق، ويتحسن أداء البرمجيات، وتتراجع إغراءات الغش.

    وقد بدأ الطلاب باستخدام تسجيلات الشاشة ووسائل أخرى لإثبات أنهم قاموا بالعمل بأنفسهم؛ وإذا أصبح ذلك أمراً مألوفاً، فذلك أفضل بكثير.
لطالما غش طلاب الجامعات، وسيستمرون في ذلك دائماً. الفكرة هي تصعيب الأمر، وفرض عواقب، والأهم من ذلك، البدء في تشكيل الأعراف داخل الحرم الجامعي وفق عصر جديد وغريب للغاية. قد يعتمد مستقبل الجامعات على ذلك.

اقتصاد الشرق من بلومبيرغ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى