من المفرق إلى العالمية…قصة ريادة أردنية في إنتاج البذور

9

رقمنة

 في أرض الشمس والكرامة، هناك حيث تعانق السماء تراب المفرق، نبتت قصة نجاح لا تشبه سواها، قصة شاب أردني آمن بأن البذرة الصغيرة تحمل في داخلها وطنا، فحول رؤيته إلى شركة عملاقة تعرف اليوم باسم “الشركة الأولى لإنتاج البذور”.

بدأت الحكاية في 2013، حين غرس المهندس صلاح أبو موسى، حلما في تربة المعمرية وبلعما، حاملا معه إيمانا عميقا بأن الأردن يستحق أن يكون في مقدمة الدول المنتجة للبذور.

لم يكن الطريق سهلا، فالقطاع علمي وبحثي معقد، يتطلب فهما دقيقا للأمراض الجينية، وجهدا عظيما لحفظ البذور، لكنه لم يتراجع، بل مضى بثبات، وبعزيمة من يزرع اليوم ليحصد لمستقبل وطنه.

وبرأسمال بلغ 20 مليون دينار، أسس شركته على مساحة امتدت إلى 250 دونما في المعمرية، و100 دونم في بلعما، وبدأ رحلته، لا لزراعة البذور فحسب، بل لزرع الأمل أيضا في قلوب أبناء المنطقة، من خلال توفير 50 فرصة عمل مباشرة لأبناء محافظة المفرق.

سنوات من البحث والابتكار والعمل المتواصل أزهرت بثمار نضجت في 18 دولة حول العالم، من بينها الولايات المتحدة الأميركية، تحت راية الجودة والشروط العالمية، ما جعل الشركة مسجلة في الاتحاد الدولي للبذور (ISF)، ورافعة علم الأردن في مؤتمرات البذور الدولية التي تعقد كل عام في دولة من دول العالم.

ولم تتوقف الرؤية عند الإنتاج فقط، بل امتدت إلى الابتكار؛ إذ تضم الشركة اليوم محطة أبحاث زراعية، وبنكا للبذور يحتوي على 50 ألف صنف، ومختبرا علميا متخصصا للفحوصات الجينية والتراثية للبذور، وأطول خط لإنتاج علب البذور في الشرق الأوسط، بقدرة تصل إلى 2000 علبة يوميا، وقد حصلت على شهادة الجودة ISO 9001:2015، ما يعكس التزامها بأعلى المعايير الدولية.

وكان التكريم الأرفع حين منح جلالة الملك عبد الله الثاني، أخيرا، خلال زيارة له إلى محافظة المفرق، وسام اليوبيل الفضي للشركة، تقديرا لدورها الريادي في مكافحة البطالة، وتعزيز الأمن الغذائي الوطني، ورفع اسم الأردن عالميا.

واعتبر أبو موسى، في هذا السياق، أن تكريم جلالة الملك، هو دافع عظيم للاستمرار، وهو وسام نعلقه على صدور كل من آمن بأن البذور الصغيرة يمكن أن تغير وجه وطن بأكمله.

وقال: “ما نقدمه ليس مجرد منتج، بل رسالة حياة، ونؤمن أن هذا القطاع قادر على رسم مستقبل غذائي أكثر استقرارا، وهو ما يتماشى مع رؤية جلالة الملك في تحقيق الأمن الغذائي والسيادة الزراعية”.

https://petra.gov.jo/upload/Files/001(1).jpg

وفي هذا الإطار، نظمت لجنة الزراعة في الجمعية الأردنية للبحث العلمي والريادة والإبداع زيارة علمية، رافقتها خلالها وكالة الأنباء الأردنية، إلى مقر الشركة، برئاسة رئيس الجمعية الدكتور رضا الخوالدة وأعضاء اللجنة، حيث تم الاطلاع على المرافق المتقدمة، وخطوط الإنتاج، والتقنيات المستخدمة في عمليات التهجين والاختيار.

وأعرب الوفد عن فخره بهذا النموذج الوطني الناجح، الذي يجمع بين الريادة والعلم والإنتاج، مشيرا إلى أن الجمعية مستعدة للتعاون مع الشركة في مختلف المستويات البحثية والتطويرية، لما تمثله من قيمة مضافة حقيقية في القطاع الزراعي الأردني.

هكذا، من بذرة في المفرق، نبتت قصة ملهمة تقول لنا : إن العزيمة أقوى من التحديات، وإن الأردن غني بأبنائه، وأن من آمن بالبذور الصغيرة، سيحصد وطنا كبيرا يفتخر به العالم.

بترا ( صالح الخوالدة)

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد