الاقتصاد

منح الجنسية للمستثمرين…… خطوة إيجابية تعزز بيئة الأعمال

رقمنة 

 أكد خبراء اقتصاديون أن قرار مجلس الوزراء باعتماد آليات وأسس جديدة لمنح الجنسية الأردنية أو الإقامة للمستثمرين يمثل خطوة إيجابية تعكس توجه الحكومة الجاد نحو تعزيز بيئة الأعمال وجذب رؤوس الأموال، خاصة في ظل المنافسة الإقليمية المتزايدة على الاستثمارات.

وأشار الخبراء في أحاديث منفصلة لـ”الغد” إلى أن ربط الجنسية بضخ استثمارات مباشرة في القطاعات الإنتاجية، وشراء الأسهم، وتشغيل الأيدي العاملة الأردنية، يسهم في تحريك الاقتصاد الوطني وخلق فرص العمل، ويعزز ثقة المستثمرين بقدرة الأردن على توفير بيئة استثمارية آمنة ومستقرة.

وفي الوقت نفسه، شدد هؤلاء الخبراء على أن القرار وحده لا يكفي لضمان استدامة الاستثمارات، داعين إلى استكماله بخطوات إصلاحية مكملة تشمل تعزيز استقرار البيئة التشريعية، وتبسيط الإجراءات البيروقراطية، وتطوير النظام الضريبي بشكل عادل، إضافة إلى توفير ضمانات حقيقية لحماية المستثمرين، بما يجعل الأردن وجهة أكثر تنافسية على خريطة الاستثمارات الإقليمية والدولية، وبما يحقق أهداف رؤية التحديث الاقتصادي.

وكان مجلس الوزراء قرر الموافقة أول من أمس على آليات وأسس تطبيق قراره السابق المتخذ في شهر تموز الماضي المتعلق بمنح المستثمرين الجنسية الأردنية أو الإقامة لمدة خمس سنوات في المملكة.

وتنظم الآلية التي أقرها مجلس الوزراء كيفية الحصول على الجنسية الأردنية عن طريق الاستثمار من خلال شراء الأسهم في الشركات الأردنية بمبلغ لا يقل عن مليون دينار أردني، وكذلك منح جواز السفر الأردني المؤقت لمدة ثلاث سنوات لغايات الحصول على الجنسية الأردنية من خلال إنشاء وتسجيل مشاريع استثمارية في أي من القطاعات الاقتصادية الإنتاجية.

كما تنظم الآلية إجراءات منح الجنسية الأردنية للمستثمرين في حال كان المستثمر شريكا أو يملك مشروعًا قائمًا أو أكثر، عند قيامه بالاستثمار ضمن قطاع مستودعات الأدوية والمواد الصيدلانية والأجهزة والمعدات الطبية والجراحية ولوازمها، أو قيامه بالاستثمار ضمن قطاع الخدمات اللوجستية الغذائية، والتخزين والمخازن الكبرى.

وتشمل الآلية كذلك تنظيم منح الجنسية الأردنية لكل مستثمر يعمل على تشغيل 150 عاملا أردنيا في محافظة العاصمة أو 100 عامل أردني في باقي محافظات المملكة، وكيفية منح زوج المستثمر وبناته العازبات، والأرامل والمطلقات اللواتي يعشن في كنفه، وأولاده الذكور غير المتزوجين الذين لم تتجاوز أعمارهم 24 عاما، بما في ذلك المستثمرون الجدد والقدامى ممن حققوا متطلبات الحصول على الجنسية.

وتنظم الآلية أيضا إجراءات منح المستثمر أو الشخص العادي من غير المستثمرين الإقامة لمدة خمس سنوات أو تجديدها، بغض النظر عن مدة إقامته السابقة في المملكة عند شراء عقار.

ونصت كذلك على أن يتم اعتماد الموافقة الأمنية كشرط مسبق قبل أي موافقة مبدئية أو نهائية على منح الجنسية أو جواز السفر المؤقت أو الإقامة، وأن تتم دراسة طلبات المستثمرين من اللجنة الفنية المشكلة وفق هذه الآلية بعد تقديم الطلب إلكترونيا أو ورقيا لوزارة الاستثمار وفق نموذج معدّ لهذه الغاية.

وبحسب آخر الأرقام الرسمية التي حصلت عليها “الغد” من وزارة الاستثمار، بلغ عدد المستثمرين الذين حصلوا على الجنسية من خلال الاستثمار نحو 580 مستثمرا منذ إصدار القرار الخاص بهذا الأمر في العام 2018، فيما بلغ عدد أفراد عائلات المستثمرين الحاصلين على الجنسية الأردنية 1964 شخصا.

كما بلغ العدد الإجمالي للأفراد الحاصلين على الإقامة 110 مستثمرين، وعدد أفراد عائلاتهم 456 شخصا.

الطباع: خطوة إستراتيجية لتحفيز الاقتصاد
وأكد رئيس جمعية رجال الأعمال الأردنيين، حمدي الطباع، أن القرار يشكل نقطة تحول مهمة في سياسة جذب الاستثمار، ويسهم في تعزيز مكانة الأردن كمركز إقليمي جاذب وآمن للمستثمرين، خاصة في ظل المنافسة الإقليمية المتزايدة على استقطاب الاستثمارات الأجنبية.
وبين الطباع أن ربط الجنسية والإقامة بمعايير اقتصادية واضحة مثل ضخ الاستثمارات في القطاعات الإنتاجية وتشغيل الأيدي العاملة الأردنية، يعد خطوة إستراتيجية لدعم الاقتصاد الوطني وتوسيع القاعدة الإنتاجية ورفع معدلات التشغيل والنمو، ما يسهم في تحقق أهداف رؤية التحديث الاقتصادي.
وأكد على أهمية التركيز على القطاعات الحيوية كقطاع الصناعات الدوائية والخدمات اللوجستية والتخزين، مبينا أن هذه القطاعات تمتلك فرص نمو واعدة، وتسهم في تعزيز الأمن الغذائي والدوائي في المملكة، مشيرا إلى أن قرار منح الإقامة لغير المستثمرين عند شراء العقار سينعكس إيجابا على القطاع العقاري، ويعزز من حركة التداول والطلب، لا سيما من قبل المغتربين والمقيمين.
وشدد الطباع على أهمية الترويج للآلية الجديدة على المستوى الدولي من خلال السفارات والملحقيات التجارية، إضافة إلى تبسيط الإجراءات البيروقراطية وتوفير نافذة استثمارية موحدة تضمن سرعة البت في الطلبات ضمن أطر زمنية واضحة.

أبو حلتم: رسالة ثقة لرأس المال الأجنبي
من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي الدكتور إياد أبو حلتم أن تعديل أسس وآليات منح الجنسية يمثل رسالة إيجابية للأسواق، ويعزز ثقة المستثمرين بقدرة الأردن على توفير بيئة استثمارية مستقرة.
وقال أبو حلتم إن الحكومة كانت قد بدأت منذ سنوات بمنح الجنسية للمستثمرين، لكن بشروط أكثر صعوبة، إذ كان يتطلب استثمارا لا يقل عن ثلاثة ملايين دينار، ثم جرى تخفيضه إلى مليون ونصف، ليصبح حاليًا مليون دينار وفقًا للأسس الجديدة، وهو ما يعكس مرونة الحكومة وسعيها لتسهيل بيئة الأعمال.
وأضاف أن منح الجنسية أو الإقامة للمستثمر الأجنبي يمنحه شعورا أكبر بالأمان، ويعكس صورة الأردن كبلد مضياف يتمتع بالاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي، لافتا إلى أن هذه الرسائل لها أثر مباشر في تعزيز ثقة المستثمرين.
وأشار أبو حلتم إلى أن ربط القرار بخلق فرص عمل من خلال توظيف 30 عاملا داخل العاصمة أو 20 خارجها، أو ضخ استثمارات مباشرة وغير مباشرة في بورصة عمان، يسهم في تحريك السوق المالي، مبينا أن ذلك ظهر مؤخرا بارتفاع مؤشر البورصة إلى أكثر من 3 آلاف نقطة، وهو مستوى لم يسجل منذ عام 2008.
وبين أن هذه الإجراءات تأتي متسقة مع رؤية التحديث الاقتصادي التي تستهدف جذب استثمارات سنوية بأكثر من 4 مليارات دينار، ما يسهم في تحريك عجلة الاقتصاد وخلق فرص عمل جديدة، مؤكدا أن بورصة عمان لطالما كانت مرآة الاقتصاد الوطني، وارتفاع مؤشرها يعكس نشاطا اقتصاديا ومعدلات نمو إيجابية متوقعة.
وشدد  أبو حلتم على أن الجنسية الأردنية بحد ذاتها تعد قيمة مضافة لما تتمتع به من احترام عالمي، لكنها تحتاج إلى حوافز وتشريعات داعمة مكملة، مثل تبسيط الإجراءات وتفعيل صلاحيات مجلس الوزراء لمنح التراخيص الموحدة للمشاريع الإستراتيجية التي تشغل أكثر من 300 عامل وذات قيمة مضافة عالية وتستخدم تقنيات وموارد طبيعية محلية.

الحموري: القرار داعم لكنه غير كاف
بدوره، اعتبر أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك الدكتور قاسم الحموري أن القرار خطوة إيجابية، لكنه لا يشكل عاملا أساسيا في جذب الاستثمارات.
وأوضح أن المستثمر يهتم بالدرجة الأولى باستقرار القوانين والتشريعات الضريبية، وضمان بيئة استثمارية تحقق له عائدا مجزيا في ظل أمان استثماري واضح.
ولفت الحموري إلى أن أهمية القرار تكمن في كونه داعما ضمن منظومة متكاملة، مشددا على أن المطلوب اليوم هو التركيز على استقرار البيئة التشريعية، وتطوير النظام الضريبي بشكل عادل، وتوفير ضمانات لحماية المستثمرين، بما يسهم في جعل الأردن أكثر تنافسية وجاذبية لرؤوس الأموال الأجنبية.

المصدر : الغد – طارق الدعجة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى