رقمنة
* حسان الكسواني
في عالم يتسارع فيه التطور التقني بشكل غير مسبوق ، لم يعد تعليم البرمجة للطلاب خيارا ترفيهيا أو نشاطا جانبيا ؛ بل أصبح ضرورة إستراتيجية تبني عليها الأمم المتقدمة مستقبلها…
ورغم محدودية التعريف للبرمجة لدى كثيرين ، الا إن تعليم البرمجة في سن مبكرة لايقتصر على تعلم الشيفرات فحسب ؛ بل يتعداه إلى بناء عقلية تحليلية قادرة على التفكير المنطقي، وإيجاد الحلول والإبداع في مواجهة التحديات وتحويلها إلى فرص.
من اللحظة التي يتعلم فيها الطفل المفاهيم الأساسية للبرمجة، يبدأ في تطوير مهارات التفكير المنهجي؛ والتخطيط..وتجربب الفرضيات؛ وهي مهارات لا تقتصر فائدتها على علوم الحاسوب فقط..بل تمتد لتشمل جميع مجالات الحياة من ريادة الأعمال إلى الفنون والعلوم ؛ فالبرمجة تدرب الطفل واليافع على تحويل الأفكار إلى واقع ؛ وعلى الإيمان بقدرة العقل على صناعة التغيير
إن دمج البرمجة والذكاء الإصطناعي في المناهج التعليمية منذ الطفولة يخلق جيلا مهيأ للتعامل مع الثورة التكنولوجية الرابعة، بكل ما تحمله من تحولات في سوق العمل؛ ففي حين ستختفي بعض الوظائف التقليدية ؛ ستظهر وظائف جديدة تعتمد على الذكاء الإصطناعي وتحليل البيانات ؛ وانترنت الأشياء؛ وكلها مجالات تستند إلى البرمجة كأساس محوري ؛ ولذلك فإن تعليم البرمجة في الصغر هو استباق لمستقبل قد لا يكون فيه مكان لمن لا يجيد لغة العصر.
لقد سبقتنا دول عدة في هذا المجال مثل فنلندا وسنغافورة وإستونيا ، حيث يتم تعليم الأطفال البرمجة في مراحل رياض الأطفال ومرحلة الأبتدائي ..وقدأت نتائج هذا الإستثمار تظهر على شكل مشاريع ناشئة يقودها أطفال ويافعين وامتلاكهم مهارات غير اعتيادية في حل المشكلات وتطوير البرمجيات ؛ فلماذا لا نسيير على ذات الطريق ونهيء أبناءنا ليكونوا صناعا لا مستهلكين فقط؟ وهناك فعلا مشاريع بدأت في العالم العربي في هذا المجال على سبيل المثال لا الحصر كمشروع برمجتي الريادي العالمي الذي ينتشر في معظم الدول العربية.
البرمجة اليوم هي من الآن إلى المستقبل..تعليم البرمجة للأطفال ضرورة حتمية..بل هو وعد لمستقبل أفضل..واقتصاد رقمي أقوى ..ومجتمع أكثر إبداعا واستقلالية..إنها ثورة ناعمة تبدأ من الصفوف الأولى..لكنها تمتد لتصنع قادة التغيير في الغد القربب. فهل نحن مستعدون لاستثمار جدي في عقول أطفالنا ؟
مؤسس مشروع ” برمجتي” الريادي
