كيف تبلغ منظومة ريادة الأعمال الأردنية حالة النضج؟

4

رقمنة 

 رغم تقدم الأردن خطوات في مجال تطوير بيئة ريادة الأعمال بحسب تقرير عالمي حديث إلا أن الطريق نحو إنضاج هذه البيئة ودفعها إلى سكة التميز العالمي ما يزال يتطلب جهوداً مكثفة ومنسقة وفق ما يراه خبراء.

ويؤكد خبراء أن على الأردن العمل بجد ضمن الكثير من البرامج والمشاريع التي تعالج  التحديات التي تواجه بيئة ريادة الأعمال في التمويل، والتعليم، ودعم السياسات والتشريعات، وتمكين المرأة، إذ يمكن للأردن أن يطلق العنان لإمكاناته الريادية الكاملة، ويسهم بفعالية أكبر في النمو الاقتصادي المستدام، ويبرز كنموذج ريادي في المنطقة والعالم. 

ويوضح الخبراء ضرورة العمل بجد ضمن محور التعليم وإدخال الريادة في المناهج للتعليم الأساسي والجامعي، والعمل على توفير البيئة التشريعية التي توائم متطلبات إنشاء الشركات الناشئة وتطويرها، وتوفير الدعم اللازم والتمويل وخصوصا للشركات الريادية في مرحلة الفكرة وقيام الحكومة بالجهد الأكبر في هذا المجال كون القطاع عادة ما يتجنب الاستثمار في هذه المرحلة من عمر الشركات الناشئة لارتفاع المخاطرة. 
وكان تقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال 2025 أكد تقدم الأردن في العديد من المؤشرات الخاصة بريادة الأعمال ولكنه كذلك أبرز 8 تحديات رئيسة باعتبارها ما تزال ماثلة في بيئة ريادة الأعمال الأردنية تحول دون تقدم أكبر، لعل أبرزها ما يتعلق بالتحول من أفكار وأعمال ناشئة إلى مشاريع مؤثرة ومستدامة، وتحديات تتعلق بالتمويل والظروف الاقتصادية والتعليم.
ويحتل قطاع ريادة الأعمال في الأردن المركز الرابع على مستوى الإقليم، مع وجود حوالي 30 مؤسسة تمويلية وصندوقا استثماريا معنيا بالاستثمار في المشاريع الريادية، ومع وجود أكثر من 40 حاضنة ومسرعة أعمال في المملكة.
وتظهر الأرقام أن الأردن يحتضن 200 شركة ناشئة مسجلة وفقا لدراسات محايدة، فيما تقدر دراسات أخرى أن عدد الشركات الريادية في الأردن يتجاوز 450 شركة معظمها تقنية، أو تطوع التقنية لخدمة القطاعات الأخرى. 
منظومة تشريعية تحفز الريادة 
وقال ممثل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في غرفة تجارة الأردن م.هيثم الرواجبة “من المهم اليوم إنشاء منظومة تشريعية مرنة ومحفزة لبيئة ريادة الأعمال” موضحا أن كثيرا من رواد الأعمال يعانون من قوانين قديمة أو غير متوافقة مع طبيعة الشركات الناشئة.
ودعا الرواجبة إلى سن قوانين تدعم تسجيل الشركات الناشئة خلال يوم أو يومين”، وتوفير تشريعات خاصة بـ”الفشل الآمن” لتشجيع التجربة دون خوف من الإفلاس، ومنح إعفاءات ضريبية مرحلية لمدة 3–5 سنوات. 
وفي جانب تحفيز الاستثمار في مراحل مبكرة يرى الرواجبة أن التمويل هو العائق الأكبر لنمو المشاريع الريادية، خصوصا في المراحل الأولى، مقترحا إطلاق صناديق استثمار حكومية–خاصة مشتركة تركز على الشركات الناشئة، ومنح حوافز ضريبية للمستثمرين الأفراد، وتشجيع البنوك على إطلاق برامج تمويل مخصصة بمخاطر مدروسة.
وفي سياق متصل، أكد الرواجبة أهمية العمل على محور تطوير بيئة الابتكار عبر الحاضنات والمسرّعات، لافتا إلى أن النضج يحتاج إلى منظومة دعم متكاملة وليس مجرد أفكار. 
وأوضح الرواجبة أنه من المهم العمل على تأسيس حاضنات في الجامعات ومراكز الابتكار في المحافظات، والعمل على تأسيس وإطلاق المسرعات القطاعية ( مسرعات لدعم الشركات الناشئة التقنية، أو في مجال التقنية المالية مثلا، أو في مجال تقنيات الزراعة أو التعليم أو الأمن السيبراني وغيرها من المسرعات المتخصصة)، مؤكدا أهمية ربط هذه الحاضنات بالأسواق الدولية (تبادل خبرات، دخول أسواق جديدة). 
وعلى صعيد التعليم وتعزيز ثقافة ريادة الأعمال قال الرواجبة “يجب العمل بجد على هذا المحور المهم مع التركيز على التعليم التطبيقي” مشيرا إلى أن غياب ثقافة العمل الريادي من المراحل المدرسية والجامعية يُضعف فرص النجاح. 
ودعا الرواجبة إلى دمج مفاهيم ريادة الأعمال والابتكار ضمن مناهج المدارس والثانويات، والعمل على إنشاء نواد طلابية لريادة الأعمال والتقنية، وتوفير تدريبات عملية على نمذجة الأفكار، إدارة المشاريع، التمويل، والعرض للمستثمرين. 
وأكد اهمية تطوير منصة وطنية موحدة لريادة الأعمال جامعة لكل الجهات التي تعنى بريادة الأعمال، فرواد الأعمال يضيعون بين الجهات المختلفة (وزارة، صندوق، بلدية، حاضنة، لافتا إلى أهمية مثل هذه المنصة الموحدة بحيث تشمل: تسجيل الشركات، الوصول إلى التمويل، التوجيه، والفرص، مع ربطها آليا بوزارات الصناعة، الاستثمار، التعليم، والضمان. 
السياسة الوطنية لريادة الأعمال 
وقال الخبير في مضمار ريادة الأعمال نضال قناديلو “منظومة ريادة الأعمال الأردنية تحتاج اليوم إلى المزيد من العمل والجهد لإيصالها إلى حالة النضج، مؤكدا على أهمية ثلاثة عوامل رئيسية للوصول إلى هذا الهدف”.
وبين قناديلو أن أول هذه العوامل يتمثل في العمل بجد على تنفيذ ناجح يمكن قياسه ومتابعته للمشاريع الواردة في السياسة الوطنية لريادة الأعمال والتي وضعت في العام 2021 وتهدف بمحاورها ومشاريعها إلى “تهيئة بيئة صديقة ومحفزة لريادة الأعمال في المملكة وإزالة العوائق أمامها بما يضمن تعظيم الإمكانات الاقتصادية لمنظومة ريادة الأعمال الأردنية ونموها”. 
وأشار إلى قناديلو أن التنفيذ الناجح للسياسة العامة لريادة الأعمال هو أمر مهم كونها عالجت التحديات التي تواجه بيئة ريادة الأعمال الأردنية. 
وبين قناديلو أن ثاني العوامل المهمة هو التركيز على دعم وتوفير التمويل للمشاريع الريادية في مرحلة الفكرة وقيام الحكومة بدور فاعل وكبير في هذا المجال لان القطاع الخاص عادة ما يتجنب الاستثمار في الشركات في هذه المرحلة لارتفاع المخاطرة. 
وقال “ثالث العوامل المهمة التي يجب التركيز عليها هو جانب التوعية والتعليم وإدخال ريادة الأعمال في المناهج منذ الصغر وليس فقط في المراحل الجامعية والعمل على ربط الجامعات بحاضنات أعمال متخصصة لتأهيل الشباب الجامعي ومساعدتهم على تحويل أفكارهم إلى مشاريع ريادية ناجحة”. 
نهج شامل ومستدام لدعم الريادة 
من جانبه، قال الخبير في مجال الاتصالات والتقنية وصفي الصفدي “هناك مجالات ومساحات كبيرة للعمل على تطوير منظومة ريادة الأعمال الأردنية رغم ما أحرزته من تقدم من خلال ” اتباع نهج شامل ومستدام، يشارك فيه جميع أطراف المنظومة الريادية”.
وبين الصفدي أنه على المستوى الحكومي يجب العمل على عدة محاور من أهمها وضع وتطبيق إستراتيجيات وطنية واضحة وطويلة الأمد لريادة الأعمال، مع مراجعة دورية وتكييف مستمر، 
وتخصيص ميزانيات مستدامة وموجهة لدعم المبادرات الريادية، مع ضمان التنسيق بين الوزارات المختلفة (مثل وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة، وزارة الصناعة والتجارة، وزارة التربية والتعليم)
برامج حكومية تقدم الدعم الاساسي 
وأشار إلى أهمية تصميم وتنفيذ برامج حكومية عالية الجودة تتجاوز الدعم الأساسي، مع التركيز على نقاط الضعف المحددة والاستفادة من نقاط قوة الأردن، وتوفير حاضنات ومسرعات أعمال متخصصة، وتوفير شبكات إرشاد قوية تربط الرياديين بالخبراء، وتسهيل الوصول إلى مساحات العمل المشتركة، وتقديم المنح أو التمويل المشترك للمشاريع المبتكرة.
وبالنسبة للنظام التعليمي بين الصفدي انه من المهم اليوم دمج التعليم الريادي العملي في المناهج الدراسية الوطنية لجميع الفئات العمرية، مع التركيز على المشاريع العملية والتفكير النقدي، وتدريب المعلمين على أساليب التدريس الريادي، وتنظيم مسابقات ريادية مدرسية، ودعوة رواد الأعمال المحليين لمشاركة تجاربهم مع الطلاب. 
المرأة والريادة 
وعلى صعيد متصل أكد الصفدي أهمية وصول المرأة للموارد الريادية، والعمل على تنفيذ مبادرات موجهة لضمان وصول متساوٍ للمرأة إلى التمويل، والإرشاد، والشبكات، وفرص التدريب.
ودعا إلى إنشاء برامج متخصصة للشركات التي تقودها النساء، وتطوير صناديق استثمارية تركز على رائدات الأعمال، وبناء شبكات إرشاد قوية تربط رائدات الأعمال الطموحات والقائمات بالعمل مع قادة نساء ذوي خبرة. 

الغد – ابراهيم المبيضين 

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد