رقمنة
عمان – في مشهد وطني امتزج فيه الفخر بالإنجاز، كرم جلالة الملك عبد الله الثاني عددا من الأردنيين الذين تركوا بصمات ملهمة في مجالات متعددة، وذلك خلال الاحتفال الرسمي بعيد الاستقلال الـ79 للمملكة.
ومن بين المكرمين، برز اسم لمى العدناني، مؤسسة مشروع “آدم ومشمش”، الذي يعد من أبرز المبادرات التعليمية الموجهة للأطفال باللغة العربية بطريقة مبتكرة وعصرية.
وأطلقت العدناني مشروع “آدم ومشمش” بالتعاون مع إبراهيم طه، ولينا العدناني، ولطفي زايد، العام 2016، بهدف تعليم اللغة العربية للأطفال بطريقة ممتعة وتفاعلية، عبر الأغاني والقصص المصورة ومقاطع الفيديو.
نجح المشروع في الوصول إلى مئات الآلاف من الأطفال في الأردن والعالم العربي، ما جعله نموذجا يحتذى في توظيف الفن والتكنولوجيا في التعليم. وقد عكس هذا التكريم الملكي حرص القيادة الأردنية على دعم المبادرات التي تعزز الهوية الثقافية وتنمي الإبداع لدى الأجيال الصاعدة، كما شكل رسالة واضحة بأهمية التعليم المبكر والمحتوى المحلي الموجه للأطفال.
في ظل التحديات التي تواجه اللغة العربية ومكانتها بين الأطفال، يأتي تكريم العدناني ليؤكد أن العمل المبدع في هذا المجال محل تقدير ملكي وشعبي على حد سواء، وهو ما يفتح الباب أمام المزيد من المبادرات المشابهة التي تصنع الفرق.
العدناني: الوسام تكريم لكل طفل أحب “آدم ومشمش”
لم تتوقع لمى العدناني، الشريكة المؤسسة والمديرة التنفيذية لمشروع “آدم ومشمش”، أن يتوج جهد تسع سنوات من العمل الدؤوب والمغامرة الشجاعة بتكريم ملكي. تقول: “تفاجأت وشعرت بالامتنان والفخر الشديد. والاعتراف بقيمة ما نقوم به”.
وتضيف أن محتوى الأطفال في العالم العربي لا يحظى بالتركيز الكافي، و”نحن من القلة التي تعمل في هذا المجال، لذا كان هذا التكريم دفعة معنوية كبيرة للاستمرار وتطوير المحتوى”.
تصف العدناني الوسام الملكي الذي حصلت عليه بمناسبة عيد الاستقلال، بأنه لم يكن مجرد لحظة فخر شخصية، بل لحظة انتصار جماعي لها ولكل من آمن بهذا المشروع. وتوضح: “أنا وزوجي تركنا كل وظائفنا الثابتة ودخلنا مغامرة كبيرة لأننا نؤمن بما نقدمه في آدم ومشمش وأعطينا المشروع كل وقتنا وجهدنا، ونجحنا في أن نحوله إلى قصة نجاح عربية حقيقية”.
تعود بدايات “آدم ومشمش” إلى رغبة شخصية دفعتها كأم إلى خلق ما لم تجده في محيطها، لافتة إلى أن المشروع جاء من أجل تعليم ابنها اللغة العربية؛ حيث واجهت هي وزوجها صعوبة حقيقية مع مادة اللغة العربية خلال الطفولة، قائلة “لم نكن نشعر أنها تقدم بطريقة تحببنا بها أو تجذبنا لتعلمها. وعندما بدأ ابننا، وكان عمره سنة ونصف، ينطق كلماته الأولى باللغة الإنجليزية، شعرنا بالحاجة إلى تعليمه لغته الأم، لأنها هويتنا وثقافتنا، ويجب أن نحافظ عليها”.
محتوى عربي بالكامل
في ظل ندرة المحتوى العربي الموجه للأطفال بمستوى تعليمي وترفيهي مرتفع، قررت العدناني مع زوجها إطلاق مشروع يقدم محتوى عربيا بالكامل من حيث اللغة، الموسيقا، والشخصيات. آدم هو ابنها، ومشمش هي قطة العائلة، أصبحا بطلين في عالم تفاعلي جذب الأطفال بسرعة. ومن هنا انطلقت الرحلة التي بدأت العام 2016 بتمويل من مؤسسة عبد الحميد شومان، التي دعمت المواسم الثلاثة الأولى، قبل أن تبدأ الاستثمارات والعوائد في الوصول لاحقا.
اليوم، أصبح “آدم ومشمش” قناة تضم أكثر من مليون مشترك، ويصل محتواها إلى أكثر من خمسين دولة. كما شارك الفريق في فعاليات دولية كبرى مثل إكسبو دبي، مركز إثراء، مركز أبو ظبي الثقافي، ومدارس جيمس في الخليج، مما يعكس مدى الانتشار والتأثير الذي حققه المشروع.
بحسب العدناني، “عندما تكون رائد أعمال في هذا النوع من المشاريع، تركز كل جهدك على العمل والتطوير. جاء هذا التكريم في وقت كنا نبذل كل طاقتنا، لذلك أثر في كثيرا”.
تضيف: “نريد أن نوصل أن اللغة العربية جميلة وممتعة، وأن الأطفال لا يجب فقط أن يفهموها، بل أن يحبوها. معظم المحتوى الحالي يقدم بلغة جامدة، ونحن نحاول كسر هذا الحاجز من خلال أنشطة تجعل الطفل لا يسمع اللغة فقط، بل يعيشها”.
أما عن المستقبل، فيحمل الفريق خططا طموحة. العدناني تكشف أنهم يعملون حاليا على تطوير مسلسل مغامرات جديد لـ”آدم ومشمش” يظهر للعالم، العربي وغير العربي، لغتنا وثقافتنا وجمالها. كما يطمحون إلى إطلاق مشاريع جديدة لفئات عمرية مختلفة، شرط توفر الدعم اللازم.
وتؤكد: “أعتقد أن من واجب الحكومات العربية أن توفر هذا الدعم والتمويل، لأننا إذا لم نفعل ذلك، سنخسر جيلا كاملا. الأطفال اليوم يتأثرون كثيرا بالمحتوى الغربي لأنه قوي جدا، لذلك علينا أن ننافسه بالمستوى نفسه”.
تكريم لمى العدناني في عيد الاستقلال كان إشارة واضحة إلى أهمية المحتوى العربي للأطفال، ودعوة للقطاعين العام والخاص، لدعمه وتمكينه ليواكب العصر ويحفظ هوية الأجيال المقبلة.
الغد – رؤى الدويري
التعليقات مغلقة.