ريادة الأعمال.. ضعف الاهتمام الحكومي يفاقم التحديات في المحافظات

8

رقمنة 

ما يواجهه شباب أردنيون من تحديات تعيق تطور مشاريعهم ضمن منظومة ريادة الأعمال المحلية، إلا أن الأمر يزداد تعقيدا كلما تعلق الأمر بالمحافظات البعيدة عن مركز العاصمة، بحسب خبراء.

وفي ظل تركز الاهتمام بمنظومة الريادة في العاصمة عمان على حساب المحافظات، يؤكد خبراء أن الأمر يتطلب نهجا إستراتيجيا شاملا يسهل الطريق أمام الجميع بعيدا عن الفروقات التجارية والاقتصادية والاجتماعية.

ولخص خبراء ورياديون يعملون في المحافظات مجموعة من التحديات التي تعيق الريادة بشكل حقيقي في مناطق الأطراف، من بينها التركيز على التدريب دون تقديم دعم حقيقي مالي أو تهيئة البنية التحتية، فيما يلفتون إلى أنه في حال التوجه للمحافظات لدعم الريادة في المحافظات يكون الأمر “مؤقتا” ويخضع لمبدأ “الفزعة”.
وطالب الرياديون الحكومة بمعالجة تحديات الريادة في المحافظات وتبني برامج ومشاريع متواصلة مستدامة مخصصة لدعم المحافظات بعيدا عن نظام ” الفزعة” وبشكل يتماشى مع احتياجاتها المختلفة عن عمان، وتوفير برامج تمويل وتدريب تتناسب مع ظروف كل محافظة، بالإضافة إلى تحسين البنية التحتية الرقمية واللوجستية لدعم رواد الأعمال في المحافظات، مشيرين إلى أهمية ودور يمكن أن تلعبه الجامعات جميعها في توفير مراكز لدعم الريادة وتوعية المجتمعات المحلية والشباب بأهمية ريادة الأعمال.  
وكشف تقرير وطني حول حالة ريادة الأعمال في الأردن أن نسبة تصل إلى 27 % من السكان البالغين في الأردن يشاركون في أنشطة ريادة الأعمال وأن 16 % منهم يزاولون أنشطة ريادة الأعمال في مراحلها المبكرة (إطلاق الفكرة والبدء بالعمل والتأسيس).
وقال الريادي عبد الرحمن الزغول من محافظة الزرقاء: “الشباب والرياديون في المحافظات والمناطق النائية قادرون على الإبداع والابتكار والخروج بأفكار ريادية مثل رياديي العاصمة عمان، وفي بعض الأحيان هم أكثر ابتكارا وحافزا على الريادة لأن أصل الريادة هو حل المشاكل، والمحافظات والمناطق النائية مليئة بالمشاكل والتحديات الاقتصادية والمجتمعية وفي البنى التحتية”. 
ويؤكد الزغول الذي يقود مؤسسة ” التدوير من أجل التعليم” أن التحديات التي تواجه رياديي المحافظات ترتبط بمحدودية أو قلة الموارد اللازمة لبناء المشروع وتطويره: والموارد هنا تشمل كل ما يرتبط ببناء المشروع مثل البنى التحتية والمعرفة والخبرات والموظفين أصحاب الخبرات والتويل المادي وغيرها من الموارد التي أكثرها يتركز في العاصمة عمان أو المحافظات الكبيرة.
وأشار إلى أن هناك تحديا آخر يتمثل في قلة ثقة أو قلة اهتمام شركات القطاع الخاص الداعمة أو الجهات التمويلية بالشركات التي تتواجد وتخرج من المحافظات، رغم أن هذه المشاريع تساعد في دعم المجتمعات المحلية وتنشيط اقتصاديات المحافظات أو تساعد في حل المشاكل هناك.
ويحتل قطاع ريادة الأعمال في الأردن المركز الرابع على مستوى الإقليم، مع وجود حوالي 30 مؤسسة تمويلية وصندوقا استثماريا معنيا بالاستثمار في المشاريع الريادية، ومع وجود أكثر من 40 حاضنة ومسرعة أعمال في المملكة. 
وتظهر الأرقام أن الأردن يحتضن 200 شركة ناشئة مسجلة وفقا لدراسات محايدة، فيما تقدر دراسات أخرى أن عدد الشركات الريادية في الأردن يتجاوز 400 شركة معظمها تقنية، أو تطوع التقنية لخدمة القطاعات الأخرى.
إلى ذلك، أكد الخبير في مجال ريادة الأعمال بلال أرسلان أن ريادة الأعمال في المحافظات ” ليست مخدومة ومدعومة كما يجب” وبالشكل الذي يمكن أن تخرج أكبر عدد من الرياديين والشركات الناشئة الناجحة والمؤثرة اقتصاديا، والأسباب كثيرة لعل أهمها الفروقات في توافر الموارد والبنى التحتيتة والنشاط التجاري والاقتصادي والتمويلي الذي يتركز غالبا في العاصمة أو المحافظات الرئيسة.
وقال أرسلان”هناك الكثير من البرامج والمشاريع الداعمة لريادة الأعمال التي بدأت تكثر في السنوات الأخيرة في المحافظات ولكنها تركز على التدريب أكثر من توفير الأدوات والدعم الحقيق اللازم، وقال  “التدريب لا يؤدي إلى شركة ريادية ناجحة”. 
واقترح أرسلان أن يكون هناك نهج واضح ومأسسة لدعم الريادة في المملكة في كل المحافظات واستدامة وليس دعما يقوم على فزعة لفترة مؤقتة، كما أن هناك حاجة إلى تعميم الوعي ونشر ثقافة ريادة الأعمال ونستفيد من مراكز الريادة في الجامعات، فضلا عن أهمية زيادة الاستثمارات في المحافظات وخلق حراك تجاري واقتصادي أكبر وهو الأمر الذي يعزز ويدعم إنشاء المشاريع الريادية في المحافظات.
وفي السياق ذاته أكد الريادي الأردني فايز العوران أن ريادة الأعمال هي عملية تحويل الأفكار إلى واقع ملموس، لافتا إلى أن هذا المفهوم يتطلب من الرياديين شغفا بالابتكار، وجرأة في تحمل المخاطر، وقدرة على التكيف مع التحديات المتغيرة.
وقال العوران الذي أسس قبل نحو عامين ( شركة ومضة للابتكار) المتخصصة في مجال الابتكار الأخضر وتطوير حلول مستدامة لقطاع الطاقة الشمسية “التحديات التي تواجه ريادة الأعمال في الأردن بشكل عام تشمل عدة جوانب، منها التمويل، الدعم الحكومي، والتشريعات، لافتا إلى أن هذه التحديات تظهر بوضوح في المحافظات خارج العاصمة عمان.
وبين العوران الذي أسس مشروعه في محافظة الطفيلة أن الرياديين في المحافظات يواجهون تحديا في صعوبة الحصول على الدعم المالي والتقني الذي يتناسب مع احتياجاتهم المحلية والتي تختلف عن تلك الموجودة في عمان. 
ويرى العوران أن التسهيلات الحكومية غالبًا ما تتركز في العاصمة، وأن المحافظات تبقى بحاجة إلى دعم مُصمم خصيصًا لها. 
وقال “رياديو المحافظات يطالبون الحكومة بتبني نهج مخصص لدعم المحافظات، يتماشى مع احتياجاتها المختلفة عن عمان، وحاجتنا إلى برامج تمويل وتدريب تتناسب مع ظروف كل محافظة، بالإضافة إلى تحسين البنية التحتية الرقمية واللوجستية لدعم رواد الأعمال في المحافظات”. 
وأضاف بأن الشباب الريادي في المحافظات يأمل في تعديلات تشريعية تراعي الاختلافات بين الشركات الناشئة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وقالت الريادية ظلال الشمايلة صاحبة مشروع ” ايزي كيت” في محافظة الكرك “الرياديين في المحافظات بالتأكيد يواجهون تحديات أكبر مقارنة بالرياديين في العاصمة عمان، وقلة الدعم والفرص التي تساعد المشاريع الريادية على التطور والنمو”.
وترى الشمايلة التي تقود مشروعا متخصصا في تعليم الصغار والشباب على علوم الروبوت والذكاء الاصطناعي، ومن واقع تجربتها أن أغلب المشاريع والبرامج وحاضنات الأعمال التي تتواجد في المحافظات تركز دعمها وتدريباتها على المشاريع المنزلية أو مشاريع القطاع الزراعي والحرف اليدوية، والقليل منها يركز على المشاريع المبتكرة القائمة على التقنيات الحديثة. 
وأكدت أن الشركات الناشئة في المحافظات تحتاج إلى عدد أكبر من مسرعات الأعمال التي تدعم المشاريع التقنية على وجه الخصوص كما أنها بحاجة إلى دعم التشبيك مع الاستشاريين والخبراء المتخصصين في مجال الريادة. 
وأشارت إلى العديد من الجهات التمويلية أو مسرعات الأعمال تطلب تواجد الرياديين وحضور برامجها وتدريباتها في العاصمة عمان وهذا قد يشكل تحديا وخصوصا أمام الرياديات الإناث. 
وقالت “رياديو المحافظات يشعرون بعدم ثقة من بعض الجهات التمويلية بالمشاريع التي تنطلق من المحافظات والتي تحاول أن تحل مشاكل في المناطق النائية على اعتبار أنها قد لا تنمو مستقبلا وتتوسع في أعمالها بالشكل الذي يستحق الدعم والاستثمار”. 
وطالبت الشمايلة الحكومة والجهات المعنية بريادة الأعمال في المملكة بتبني نهج واضح شامل لدعم الريادة لا يفرق بين العاصمة او المحافظات الرئيسة والمحافظات الأخرى، في محاور: الدعم المادي والتمويل، أو تقديم الاستشارات والتشبيك، أو التشريعات الداعمة، أو المساعدة في التسويق والنمو والوصول إلى الأسواق. 
وأشارت الشمايلة إلى أهمية دعم البنية التحتية للاتصالات وتعزيزها في المحافظات والمناطق النائية ونشر الوعي بأهمية التقنية والمهارات الرقمية ما يشجع ويدعم بشكل أساسي المشاريع الريادية القائمة على التقنية.
ومن جانبه قال الريادي غيث المومني من محافظة العقبة “رواد الأعمال في المحافظات يواجهون تحديات أكبر مقارنة بالرياديين في العاصمة، أبرزها نقص الدعم والتمويل، حيث تتجه معظم الاستثمارات والفرص التمويلية نحو العاصمة، ما يحد من قدرة رواد الأعمال في المحافظات على توسيع أعمالهم وتطويرها بشكل مستدام”.
وأشار المومني إلى تحدي البنية التحتية الضعيفة إجمالا في المحافظات والتي قد لا تكون متطورة كما في العاصمة، سواء في مجال التكنولوجيا أو الخدمات اللوجستية، ما يؤثر على سير العمل وفعاليته، وتحدي نقص البرامج التدريبية والإرشادية كون غالبية برامج التدريب والتوجيه التي تقدم لرواد الأعمال متمركزة في العاصمة، مما يعني أن هناك فرصاً أقل للتعلم والتطور المهني في المحافظات.
وقال “هناك تحدي يتمثل في صعوبة الوصول إلى الأسواق الكبرى التي تتركز بشكل كبير في العاصمة، مما يجعل من الصعب على الشركات في المحافظات الوصول إلى العملاء المستهدفين وتنمية قاعدة الزبائن”.
وأكد أن هنالك تحديا يتمثل بالعزلة عن مجتمع الأعمال الأوسع، لافتا إلى أن رياديي المحافظات يجدون أنفسهم بعيدين عن شبكات التواصل والمناسبات الريادية، وهذا يؤثر على فرص بناء العلاقات والشراكات. 
وطالب المومني بتواجد اكبر للصناديق التمويلية مخصصة لرواد الأعمال في المحافظات، وتوفير الجهات المعنية لفرص تدريبية أفضل، وتحسين

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد