دعوات لإستراتيجية شاملة للتحول الرقمي ملزمة للمؤسسات الحكومية

1

رقمنة 

في الوقت الذي تمضي فيه الحكومة منذ سنوات في رقمنة الخدمات الحكومية، وإنجاز مشروع التحول الرقمي، أكد خبراء ضرورة الإسراع في إنجاز التجربة الأردنية، لما لها من فوائد وعوائد اقتصادية كبيرة، فضلا عن أهميتها في تسهيل حياة الناس في بلد يقدر فيه عدد مستخدمي الإنترنت بأكثر من 10.7 مليون مستخدم. 

ويوضح الخبراء أهمية وجود إستراتيجية شاملة ومترابطة للتحول الرقمي ملزمة لكل المؤسسات الحكومية، لكنهم شددوا على أن الأهم هو التنفيذ والمتابعة وقياس الأداء لتسريع الإنجاز.

وأشار الخبراء إلى ضرورة العمل على تطوير وتحديث منصة أو تطبيق “سند” الحكومي وتحديثه بالشكل الأمثل ليضم كل الخدمات الحكومية، وانضاج تجربة المستخدم فيه لتكون سهلة وسريعة، مقدما خدمات مكتملة من الألف إلى الياء حتى لا يضطر المستخدم مراجعة عدد كبير من المؤسسات، مشددين في الوقت نفسه على أهمية تطويع التقنيات الحديثة في عملية التحول الرقمي وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي.

وجاء حديث الخبراء بعد إعلان نتائج مؤشر نضوج الخدمات الحكومية الإلكترونية والنقالة والذي يصدر سنويا عن اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا(الإسكوا) التابعة للأمم المتحدة، والذي أظهر تراجع موقع الأردن من المرتبة الخامسة في التقرير السابق إلى المرتبة السابعة في مؤشر عام 2024.

ويهدف المؤشر إلى قياس مدى نضوج الخدمات الحكومية المقدمة عبر البوابات الإلكترونية والتطبيقات النقالة في المنطقة العربية (17 دولة)، كما يعد المؤشر أداة قياس تمكن صانعي القرار وواضعي السياسات من متابعة تقدم برامج التحول الرقمي وسد الثغرات فيما يتعلق بمدى نضوج الخدمة واستخدامها ورضا المستخدم حيالها ووصولها إلى الجمهور.

وتسعى الحكومة الأردنية من خلال إستراتيجيتها للتحول الرقمي إلى رقمنة 80 % من الخدمات الحكومية مع نهاية العام الحالي والوصول إلى كامل الخدمات نهاية العام المقبل، إذ تظهر آخر الأرقام الرسمية أن نسبة الخدمات المرقمنة بلغت بداية العام الحالي 65 % من إجمالي عدد الخدمات الحكومية البالغ عددها 2440 خدمة حكومية. 

وأكد الخبير في مجال التقنية والاتصالات وصفي الصفدي أن عملية التحول الرقمي في الأردن هي اليوم ضرورية لخدمة المواطن وتسهيل حياته وللاستفادة من مزاياها في زيادة الإنتاجية ورفع الكفاءة ولزيادة الشفافية في عمل المؤسسات الحكومية، ونحن بحاجة إلى الإسراع في إنجازها.

تنفيذ إستراتيجية التحول الرقمي

وأكد الصفدي أهمية وجود وتحديث وتنفيذ إستراتيجية وطنية مُلزمة للتحول الرقمي تمثل خريطة طريق واضحة بأهداف ومؤشرات أداء محددة وقابلة للتنفيذ على مستوى الدولة، لأن مثل هذه الإستراتيجية بأهداف واضحة ستقود المشهد في هذا القطاع الحيوي.

 

البنية التحتية

وأشار إلى أهمية وجود وتطوير بنية تحتية رقمية مُستدامة وذلك من خلال تطوير وتحديث مستمر لشبكات الاتصالات وخصوصا تلك التي تتيح الإنترنت عريض النطاق عالي السرعات مثل الجيل الخامس والفايبر وتوسيع تغطية هذه الخدمات؛ لأنها تعد أساسا لاستخدام الخدمات الرقمية وأساسا لتنفيذ وإنجاح التحول الرقمي في كل القطاعات، فضلا عن أهمية تطوير مراكز البيانات الآمنة والشاملة، إذ تعد البيانات اليوم وتخزينها وتداولها بشكل آمن أيضا عمود من أعمدة عملية التحول الرقمي. 

 

التشريعات والموارد البشرية

ومن أهم الأمور التي يجب العمل على تطويرها ومتابعتها أيضا بحسب الصفدي هي التشريعات والقوانين المعنية بالقطاع والمستجدات التقنية والتي يجب أن تكون “مُحفزة للابتكار”. 

 

وقال “يجب وضع وتطوير إطار قانوني مرن يدعم النمو الرقمي ويحمي الحقوق ويعزز الثقة”. 

وأكد في الوقت نفسه أهمية وجود كوادر رقمية مُتمكنة والعمل بجد على مستوى المملكة لرفع المهارات الرقمية لدى الشباب والصغار من خلال برامج تعليم وتدريب متخصصة لبناء جيل قادر على التعامل مع التقنيات الحديثة وخصوصا مواضيع البرمجة والذكاء الاصطناعي والتواصل الاجتماعي والتعامل مع البيانات وغيرها من المهارات.

منصة وتطبيقات متكاملة

وبخصوص طرق وقنوات الحصول على الخدمات الحكومية الرقمية قال الصفدي ” من المهم اليوم العمل على تطوير وتحديث منصات حكومية مُتكاملة وربط الأنظمة وتبادل البيانات لتقديم خدمات رقمية سلسة وشاملة للمواطنين، مشيرا في الوقت ذاته إلى أهمية تطوير تطبيق سند”.
كيف نطور تطبيق” سند”؟
وعلى صعيد متصل أكد الصفدي أهمية تطوير وتحديث تطبيق ” سند” الذي تعتمده الحكومة اليوم لتقديم الخدمات الرقمية للمواطن وتوسيع نطاق الخدمات التي يقدمها وتسويقه بشكل أكبر، لافتا إلى أهمية أن تقدم هذه المنصة تجربة مستخدم فائقة من حيث السهولة بتصميم بديهي وجذاب يركز على احتياجات المستخدم وتوفير الوقت والجهد. 

وأشار إلى أهمية توسيع الخدمات الرقمية ذات الأولوية عبر تطبيق سند، من خلال إضافة الخدمات الحكومية الأكثر طلبًا وتأثيرًا على حياة المواطنين أولاً، فضلا عن توفير أعلى معايير الأمان والثقة لضمان حماية البيانات والمعاملات من خلال تقنيات متقدمة وتوعية المستخدمين.

 

وأكد الصفدي أهمية توفير قنوات دعم مُتاحة وفعالة من خلال خيارات متنوعة للمساعدة والإرشاد لضمان تجربة مستخدم سلسة، وأهمية إيجاد تخصيص ذكي وقيمة مُضافة باستخدام البيانات لتقديم خدمات وتنبيهات مخصصة تلبي احتياجات المستخدمين بشكل أفضل. 

مساهمة التحول الرقمي في الاقتصاد
وقال الخبير الاقتصادي وجدي المخامرة “أهمية التحول الرقمي من الناحية الاقتصادية معتبرا بأنه ” ليس رفاهية”، بل ضرورة لتحقيق النمو الاقتصادي والتنافسية العالمية”.

وتوقع المخامرة أن يساهم التحول الرقمي في زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.7 %خلال السنوات القادمة.  
وأكد أن نجاحه على تكامل الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص، مع التركيز على البنية التحتية والتشريعات والكوادر البشرية.

وأشار إلى أهمية التركيز على تبني الذكاء الاصطناعي، لأنه يُمثل محركًا رئيسا لهذا التحول عبر تحسين الكفاءة وفتح آفاق جديدة للابتكار.

تحسين الكفاءة وتقليل التكاليف

وللدلالة على أهميته الاقتصادية بين المخامرة، أن التحول الرقمي ساهم في توفير أكثر من 120 مليون دينار من المصاريف التشغيلية والرأسمالية حتى نهاية عام 2024، وذلك عبر تبني البنية التحتية الرقمية المركزية وتحديد الإجراءات الحكومية، كما أسهم في تقليل الاعتماد على المعاملات الورقية وخفض تكاليف التشغيل بنسبة تصل إلى 50 % في بعض القطاعات.

 

وأكد المخامرة أهمية قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وما يوفره من فرص عمل مباشرة تصل في الأردن إلى 40 ألف وظيفة مباشرة إلى جانب 60 ألف وظيفة غير مباشرة مرتبطة بالمشاريع الرقمية، مشيرا إلى ما يمكن أن يسهم به التحول الرقمي في تحسين بيئة الأعمال عبر تسهيل إجراءات تسجيل الشركات واستخراج التراخيص إلكترونيًا، وتقليل التدخل البشري في المعاملات الحكومية ما يحد من فرص الفساد الإداري، كما في نظام “سند” للخدمات الرقمية الذي يسهل تتبع الإجراءات. 

ولتسريع وإنجاح التحول الرقمي في الأردن قال المخامرة،  “لا بد من تعزيز البنية التحتية الرقمية، وتوسيع نطاق تغطية واستخدام خدمات الجيل الخامس ومراكز البيانات واستكمال نشر مراكز الخدمات الحكومية الشاملة، وإصدار قوانين داعمة للأمن السيبراني وحماية البيانات، وتحديث التشريعات الحالية لمواكبة التطورات الرقمية، فضلا عن أهمية تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص لتبني مشاريع ذكية والاستثمار في رأس المال البشري”.

تطويع الذكاء الاصطناعي في التحول الرقمي

وعلى صعيد متصل أكد المخامرة أهمية تطويع تقنيات المستقبل وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي لدعم أو تطوير عملية التحول الرقمي، لما يمكن أن يسهم به في مجال أتمتة المهام الروتينية (مثل معالجة البيانات والرد على الاستفسارات) ما يوفر 30-40 % من وقت الموظفين، وفقًا لتجارب عالمية. 

 

وأشار إلى أهمية استخدام الروبوتات البرمجية في القطاع الصناعي ما يحسن جودة المنتجات ويقلل الأخطاء، واستخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات واتخاذ القرارات، ما يوفر رؤى تنبؤية لتحسين الإستراتيجيات التسويقية وإدارة سلاسل التوريد، فضلا عما يقدمه الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي في التشخيص المبكر للأمراض عبر تحليل الصور الطبية. 

ولفت إلى أهمية استخدام “الشات بوت” المدعوم بالذكاء الاصطناعي في مجال خدمة العملاء يقلل وقت الاستجابة للعملاء بنسبة 70 % كما في تجارب بنوك أردنية، فضلا عن الدور الذي يؤديه الذكاء الاصطناعي في تعزيز الأمن السيبراني، وفي مجال دعم الابتكار في القطاعات التقليدية مثل الزراعة والتعليم.

الخبير في مجال التقنية د.حمزة العكاليك أكد أهمية تسريع وإنضاج عملية التحول الرقمي في الأردن وذلك من خلال العديد من المحاور والمبادرات والخطوات المتشابكة والتي تفضي في مجملها إلى عملية تحول رقمي ناضجة.

تطوير التعليم والتدريب الرقمي

وفي هذا السياق قال العكاليك “يجب العناية والتركيز على محور التعليم الذي يجب أن يشمل بشكل كبير المهارات الرقمية، وتحديث المناهج لتشمل التقنيات الناشئة وخصوصا الذكاء الاصطناعي، تحليل البيانات، والأمن السيبراني
ولتعزيز محور التعليم ودعمه، اقترح العكاليك إيجاد وتعزيز الشراكات بين الجامعات وشركات التقنية العالمية مثل أمازون ومايكروسوفت وغيرها من الشركات العالمية لتوفير وتوسيع البرامج التعليمية والتدريبية”.

 

مجلس وطني للتشريعات الرقمية

ومن جهة أخرى، أكد العكاليك أهمية محور التشريعات ببناء إطار تشريعي مرن قابل للتحديث والتطوير مستقبلا، وإصدار قانون شامل لحماية البيانات الشخصية، وتحديث قوانين التجارة الإلكترونية والأمن السيبراني، مؤكدا أهمية إنشاء مجلس وطني للتشريعات الرقمية لمواكبة التطورات التكنولوجية.

 

سد الفجوة الرقمية

كما أكد أهمية تعزيز البنية التحتية الرقمية من خلال توسيع شبكات الألياف الضوئية وإنترنت عالي السرعة في جميع المناطق، وربط المدارس والمراكز المجتمعية بشبكات مجانية لضمان الوصول العادل. 

 

وأكد أهمية تنفيذ سياسة الشمول الرقمي لتوفير وصول عادل لجميع فئات المجتمع للإنترنت ولاستخدام الخدمات الرقمية، مع توفير برامج تدريب رقمية مجانية بالشراكة مع منصات عالمية متخصصة وأشار إلى أهمية كبيرة لتنفيذ مشاريع مدعومة دولياً لتوصيل الإنترنت إلى المناطق النائية.

دعم الريادة والابتكار

وأكد العكاليك أهمية مشاريع ريادة الأعمال والابتكار وخصوصا أن كثيرا منها يدور حول الريادة التقنية، لافتا إلى أهمية تمويل الشركات الناشئة عبر صناديق حكومية وخاصة، وتقديم حوافز ضريبية للشركات الناشئة، مع العمل بالتوازي على إنشاء حاضنات أعمال في المحافظات لدعم المواهب المحلية. 

صحيفة الغد اليومية – ابراهيم المبيضين 

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد