مقالات

خبير الاقتصاد والاستثمار رمزي المعايطة يكتب : الأردن وجهة إستثمارية صاعدة ورؤية اقتصادية تستشرف المستقبل

رقمنة

*رمزي المعايطة

واصل الأردن ترسيخ مكانته كأحد أبرز الاقتصادات الواعدة في المنطقة، مدفوعاً برؤية وطنية طموحة تهدف إلى إحداث نقلة نوعية في بنية الاقتصاد الوطني وتعزيز جاذبية بيئة الاستثمار. ففي إطار رؤية التحديث الاقتصادي 2022–2033، يمضي الأردن بخطى ثابتة نحو تحقيق نمو اقتصادي مستدام بمعدل 5 في المئة سنوياً، وخلق مليون فرصة عمل جديدة خلال العقد المقبل، عبر تحفيز قطاعات الإنتاج والخدمات ذات القيمة المضافة العالية .

وقد شكّلت الإصلاحات التشريعية والمؤسسية الأخيرة حجر الزاوية في تعزيز ثقة المستثمرين، لا سيما بعد إقرار قانون البيئة الاستثمارية لعام 2022 الذي أسهم في تبسيط الإجراءات وتوحيد المرجعيات وإطلاق النافذة الاستثمارية الموحدة التي تتيح للمستثمرين تأسيس مشاريعهم وتشغيلها بكفاءة وسرعة .

ويمتلك الأردن مزايا تنافسية فريدة تؤهله ليكون مركزاً إقليمياً للاستثمار والإنتاج، أبرزها موقعه الجغرافي الاستراتيجي الذي يربط بين أسواق الخليج والمشرق وشمال إفريقيا، إضافة إلى شبكة اتفاقيات التجارة الحرة مع أكثر من 45 دولة، بما فيها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يفتح أمام المستثمرين آفاقاً واسعة للوصول إلى أسواق عالمية كبرى. وإلى جانب ذلك، يبرز رأس المال البشري الأردني كأحد أهم عناصر القوة، بفضل ما يتمتع به من تأهيل علمي ومهني عالٍ، وقدرات تقنية وريادية متقدمة.

أما على صعيد القطاعات ذات الأولوية، فتشير الرؤية الوطنية إلى فرص واعدة في مجالات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، والسياحة المتخصصة والعلاجية، والصناعات التحويلية والدوائية والغذائية، فضلاً عن الاقتصاد الرقمي والزراعة الذكية. وتُعد هذه القطاعات ركائز رئيسية لتنويع الاقتصاد وتعزيز قدرته التنافسية وتحقيق الأمن الاقتصادي والغذائي

وفي سياقٍ متصل، يسعى الأردن إلى الاستفادة من ريادته في الاقتصاد الرقميليصبح بوابة رقمية تربط آسيا بأوروبا، مستفيداً من بنية تحتية رقمية متقدمة واستثمارات كبيرة في شبكات الألياف البصرية  واعتمدت المملكة بقيادة سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني من خلال ترؤسه المجلس الأعلى لتكنولوجيا المستقبل مقومات ونهجاً مستقبلياً واضحاً تجاه التكنولوجيا، لا سيما الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أن الأردن يمتلك منظومة قائمة على المواهب والكفاءات البشرية القادرة على دعم خطط التحول الرقمي الإقليمي. وجذب مراكز ومستودعات البيانات (Data Warehousing) التي يتوقع أن تجذب في المنطقة 2 مليار دولار من الاستثمارات بحلول 2029. وتحتاج لبنية تحتية من الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر وحلول تخزين الطاقة حيث الأردن في طليعة الدول في المنطقة في توليد الطاقة من مصادر متجددة كالرياح والشمس والغاز الحيوي.

وتشير بيانات مؤسسة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD) إلى أن صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الأردن بلغ 843 مليون دولار عام 2023، مقارنة بـ1.25 مليار دولار عام 2022، في حين استقطبت الإمارات 30.7 مليار دولار والسعودية 12.3 مليار دولار في نفس الفترة.  هذه القدرات الرقمية تجعل الأردن نقطة وصل آمنة وموثوقة، خصوصاً بعد تعرض أربعة كابلات بحرية عبر البحر الأحمر للإنقطاع في أوائل 2024، ما أثر على نحو 25% من حركة الإنترنت بين آسيا وأوروبا وأفريقيا، مما يعزز أهمية الأردن كحل بديل للاستقرار الرقمي في المنطقة.

ويؤكد المراقبون أن الاستثمار في الأردن اليوم يمثل فرصة استراتيجية للمستثمرين الإقليميين والدوليين الراغبين في دخول أسواق مستقرة ومتصلة بالعالم. فبفضل الاستقرار السياسي والأمني، والتشريعات العصرية، والتوجه الإصلاحي المستمر، أصبح الأردن بيئة آمنة وجاذبة لرؤوس الأموال الباحثة عن النمو المستدام والشراكة طويلة الأمد.

إن رؤية التحديث الاقتصادي الأردنية لا تقتصر على الأرقام والأهداف، بل تعبّر عن مسار وطني متكامل يسعى إلى بناء اقتصاد حديث، إنتاجي، ومرتبط بمستقبل الابتكار والتكنولوجيا. ومن هذا المنطلق، فإن الأردن لا يقدّم للمستثمرين مجرد فرص أعمال، بل شراكة في بناء مستقبل المنطقة واستدامة نموها الاقتصادي. وأستقرارها.

خبير الاقتصاد والاستثمار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى