مقالات

الخبير في مجال الأعمال الالكترونية الدكتور أحمد غندور يكتب لـ ” رقمنة”: الجائحة الرقمية وتأثيرها على المواطنة الرقمية السليمة

الحاجة تتزايد إلى لقاح يصنع المناعة الرقمية

رقمنة 

*الاستاذ الدكتور أحمد غندور

تواجه المجتمعات اليوم جائحة رقمية لا تقل خطورة عن أي جائحة صحية. لا تنتقل عبر الهواء، بل تنتشر عبر الشاشات والمنصات. تظهر في تضليل واسع، وتجنيد إلكتروني منظّم، ومحتوى موجه يصنع وعيًا زائفًا، وخوارزميات تعيد تشكيل المواقف والسلوك دون أن يشعر الفرد بذلك. يعيش المواطن في بيئة رقمية تحاصره فيها الصور المعدلة، والفيديوهات المنتجة بالذكاء الاصطناعي، والرسائل التي تحمل أهدافًا سياسية أو اقتصادية أو أيديولوجية. هذه الجائحة تضعف المناعة الرقمية، وتخلق فراغًا معرفيًا يجعل الفرد أكثر عرضة للتأثير غير المنضبط، ويهدد المواطنة الرقمية السليمة.

وفي ظل هذا المشهد، يصبح من الواضح أن معرفة استخدام التكنولوجيا لا تكفي. يحتاج الفرد قدرة تحمي وعيه، وتمكنه من كشف التضليل، وتساعده على تنظيم تفاعله مع الأنظمة الذكية. يحتاج لقاحًا يبني مناعة رقمية متواصلة ترافقه في المدرسة والجامعة والعمل. لقاح يحصنه من موجات الجائحة الرقمية التي تتغير أشكالها وأساليبها كل يوم.

تتجسد ملامح هذا اللقاح في الرخصة الدولية للقيادة الرقمية. تقدم الرخصة إطارًا تعليميًا يجمع ثلاث قدرات مركزية. المهارة التشغيلية التي تمنح الفرد فهمًا واعيًا للأدوات. الوعي السيبراني الذي يحميه من الاستغلال والتجنيد الإلكتروني والتفاعل غير المنضبط. وكفاءة الذكاء الاصطناعي التي تساعده على تحليل المحتوى المولّد آليًا، وتقييمه بدقة، واستخدامه لإنتاج معرفة لا لاستهلاكها فقط.

عندما يمتلك الفرد هذه القدرات، تتشكل لديه المناعة الرقمية. يصبح قادرًا على تتبع مصدر المعلومة، وكشف المحتوى الموجه، وتحليل الرسائل الخفية داخل الخطاب الإعلامي. يعرف كيف تعمل الخوارزميات التي تصنع تجربته الرقمية، ويدرك أثر الوقت الذي يقضيه في التفاعل معها، ويضبط سلوكه بما يحمي وعيه واستقلاليته. يتعامل مع التكنولوجيا كأداة إنتاج ومعرفة، لا كقناة تتحكم بطريقة تفكيره.

يمتد أثر هذه المناعة إلى المجتمع. تنخفض قوة التضليل، ويزداد وعي الشباب، وتتراجع فرص التجنيد الإلكتروني، ويرتفع مستوى الحوار العام. تستفيد الجامعات من طلبة قادرين على التحقق والبحث. ويكسب الاقتصاد قوة عاملة تفهم الأدوات الرقمية وتستخدمها بفعالية.

يجري تطوير الرخصة الدولية للقيادة الرقمية حاليًا بقيادة البروفيسور أحمد غندور في بيئة بحثية وتجريبية تهدف إلى بناء معيار رقمي قادر على مواجهة الجائحة الرقمية. يشكل هذا المشروع خطوة نحو إعداد مواطن رقمي يتمتع بمناعة قوية، ويعرف كيف يحمي نفسه ومجتمعه في عالم تتزايد فيه التهديدات غير المرئية.

*خبير في مجال الأعمال الالكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى