خبير التقنية الدكتور حمزة العكاليك يكتب لـ ” رقمنة” ….. ولي العهد يرسم طريق الثورة الرقمية

22

رقمنة  

*الدكتور حمزة العكاليك

في كلمته أمام منتدى “تواصل 2025” ، الذي إنعقد يوم السبت الماضي، لم يكن ولي العهد سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني يُلقي خطابًا اعتياديًا، لا بل كان يقرع جرسًا في عقل كل أردني غيور، ويضع اليد على مفصل الزمن: إما أن نكون صانعي التقنية، أو أن نبقى في ذيل الأمم نستهلك ما يصنعه غيرنا.

كلمات سموه لم تكن تنظيرًا، كانت إعلانًا لرؤية جادة، وموقفًا واضحًا: لا مكان في هذا العالم لمن لا يبتكر، ولا قيمة لدولة لا تسهم في صناعة أدوات الغد.

الذكاء الاصطناعي ليس رفاهية… بل مصير

حين تحدث سموه عن إدخال الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، كان يدعو إلى ما هو أبعد من التطوير الإداري أو تحسين الأداء. كان يدعو إلى تحوّل وطني شامل. فالذكاء الاصطناعي هو مفتاح العصر، واللغة التي تُفهم بها تحديات الغد: في الصحة، يمكنه إنقاذ الأرواح من خلال التشخيص المبكر. في الزراعة، يمكنه مضاعفة الإنتاج بأقل التكاليف. وفي التعليم، يمكنه أن يصنع من كل طالب عبقريًا على طريقته. هذه ليست مبالغات، بل حقائق تعيشها دول نهضت من لا شيء، فقط لأنها آمنت بالتقنية، واستثمرت في عقولها

الدولة مسؤولة… لكنها ليست وحدها

ومن غير المعقول أن نحمّل الحكومة كل العبء، لكن من غير المقبول أيضًا أن تقف مكتوفة الأيدي، فالحكومة مطالبة اليوم، لا غدًا، بأن تعمل على مقترحات منها : ان تطلق صناديق تمويل حقيقية لريادة الأعمال التقنية، ان تدعم بيئة تشريعية مرنة تُسرّع ولا تُعطّل، ان تدمج التكنولوجيا في التعليم من الحضانة حتى الجامعة، وان تعيد النظر في سياسات التوظيف والتدريب بما يتوافق مع احتياجات السوق العالمي لا المحلي فقط.

وما أجمل أن تكون المؤسسات العامة قدوة، فتتحول إلى منصات ابتكار لا جدران بيروقراطية، فالأردن يملك ما لا تملكه دول أغنى، الاردن يملك العقول القادرة على الابتكار والابداع .

ولدينا آلاف الشباب من أصحاب الكفاءات العالية الذين يثبتون يومًا بعد يوم قدرتهم على التميز عالميًا. هؤلاء لا يحتاجون صدقة، بل فرصة. لا يحتاجون شفقة، بل ثقة. إننا نملك الطاقات، ونعيش في استقرار، ونتحدث عن المستقبل بشغف… فماذا ينقصنا؟ قرار جامع، وإرادة سياسية شجاعة، وقد بدأناها بصوت سمو ولي العهد .

الرسالة الأخيرة: إن الوقت لا ينتظر

وإذا كان سمو ولي العهد قد أطلق هذه الرؤية، فإننا مطالبون بأن نترجمها إلى واقع، لا أن نكتفي بالتصفيق لها. فالتاريخ لا يرحم المتأخرين، والعالم لا ينتظر المترددين. ويجب أن نبدأ من الآن – من هذه اللحظة – في بناء منظومة وطنية تُنتج التقنية، لا تشتريها. تُصدّر الحلول، لا تستوردها. تُخرّج المبرمجين، لا الموظفين.

وحين قال سمو الامير الحسين :”  إذا كانت المعرفة قوة، فإن الأفكار الخلاقة ثروة”، فذلك يعني وجوب تحويل هذه الكلمات إلى مناهج، وإلى مشاريع، وإلى شركات، وإلى فرص عمل تبني أردنًا يليق بطموح قائده وشعبه.

*خبير في مجال التقنية والبيانات

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد