والنظر، في الوقت الحالي، إلى أي هجمة سيبرانية كبيرة باعتبارها تشكل تهديدا للاستقرار المالي يعد أمرا بدهيا – وليس سؤالا حول ماذا لو، بل متى. ومع ذلك، لا تزال حكومات وشركات العالم تكافح من أجل احتواء التهديد نظرا لاستمرار عدم الوضوح بشأن من تقع عليه مسؤولية حماية النظام. وهناك شخصيات بارزة تدق ناقوس الخطر إعرابا عن قلقها المتزايد. ففي شباط (فبراير) 2020، حذرت كريستين لاجارد، رئيس البنك المركزي الأوروبي والرئيس السابق لصندوق النقد الدولي، من أن حدوث هجمة سيبرانية يمكن أن يؤدي إلى أزمة مالية خطيرة. وفي نيسان (أبريل) 2020، حذر مجلس الاستقرار المالي من أنه “إذا لم يتم احتواء أي حادثة إلكترونية كبيرة بشكل سليم، فقد تحدث اضطرابات خطيرة في الأنظمة المالية، بما في ذلك البنية التحتية المالية الحيوية، ما يؤدي إلى تداعيات أوسع على الاستقرار المالي”.
وقد تكون التكاليف الاقتصادية المحتملة لهذه الأحداث هائلة، كما قد يكون الضرر كبيرا على اطمئنان الجمهور وثقته.
وهناك اتجاهان مستمران يؤديان إلى تفاقم هذه المخاطر. أولا، يمر النظام المالي العالمي بتحول رقمي غير مسبوق، ويشهد هذا التحول تسارعا بسبب جائحة كوفيد – 19. فالبنوك تتنافس مع شركات التكنولوجيا، وشركات التكنولوجيا تتنافس مع البنوك. وفي الوقت نفسه أدت الجائحة إلى تصاعد الطلب على الخدمات المالية عبر الإنترنت، وجعلت ترتيبات العمل من المنزل هي القاعدة. وتدرس البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم دعم العملات الرقمية بقوة وتحديث نظم الدفع. وفي هذه المرحلة من التحول، عندما يمكن لحادثة أن تقوض الثقة بسهولة وتخرج هذه الابتكارات عن مسارها، يصبح الأمن السيبراني أكثر أهمية من أي وقت مضى.
ثانيا، تستفيد الجهات التي تقف وراء هجمات البرمجيات الخبيثة من هذا التحول الرقمي، وتشكل تهديدا متناميا للنظام المالي العالمي والاستقرار المالي والثقة بنزاهة النظام. ووفرت الجائحة أهدافا جديدة للقراصنة. فوفقا لبنك التسويات الدولية، يشهد القطاع المالي ثاني أكبر سلسلة من الهجمات السيبرانية المرتبطة بجائحة كوفيد – 19 بعد القطاع الصحي… يتبع.
التعليقات مغلقة.