التجارة التقليدية ونظيرتها الإلكترونية.. بحث عن التوازن والعدالة

5

رقمنة 

الغد – عبد الرحمن الخوالدة 

عمان – مع احتدام المنافسة خلال السنوات الأخيرة بين التجارة التقليدية ونظيرتها الإلكترونية، ومع تنامٍ بشكل مطرد، تتعالى شكاوى القطاعات التجارية التقليدية، مؤكدة ضرورة تنظيم هذا النوع من التجارة بما يحقق العدالة للطرفين.

وأجمع خبراء اقتصاديون، استطلعت الغد آراءهم، على أهمية التحول إلى التجارة الإلكترونية والتوسع في استخدامها محليا في ضوء التغييرات التكنولوجية المتسارعة التي يعيشها العالم، إضافة إلى التغييرات التي طرأت على أنماط التسوق والاستهلاك لدى المواطنين.

إلا أن بعض هؤلاء الخبراء يرى أن هناك فوضى عارمة في ممارسة التجارة الإلكترونية في الأردن، كما أن هناك غيابا واضحا لتنظيمها، ما أدى إلى إلحاق الضرر بالقطاعات التجارية التقليدية وبالمنافسة لديها.
وبهدف تحقيق التوازن محليا بين هذين النوعين من التجارة، دعا الخبراء إلى ضرورة مخالفة الحكومة أي جهة تمارس النشاط التجاري الإلكتروني بشكل غير قانوني وليس لديها رقم تجاري، إضافة إلى ضرورة ضبط الصفحات والمواقع التي تروج للتجارة الإلكترونية بصورة غير رسمية، كما أشاروا إلى وجوب إعادة النظر بالطرود البريدية، إلى جانب أهمية تنظيم التجارة الإلكترونية وضبطها وسن التشريعات اللازمة لذلك.
وخطت الحكومة خلال السنوات الماضية خطوات جادة في الاهتمام بالتجارة الإلكترونية وتنظيمها وإيجاد بيئة تشريعية خاصة بها وذلك من خلال إطلاق وزارة الصناعة والتجارة والتموين الخطة الوطنية لتجارة الإلكترونية (2023 – 2033).
وتهدف الإستراتيجية إلى تهيئة بيئة ممكنة للتجارة الإلكترونية الجاذبة للاستثمار وممارسة الأعمال وتوفير فرص للدخل المواطنين، إضافة إلى تعزيز القدرة التنافسية للمشاريع المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال من خلال استخدام حلول التجارة الإلكترونية والتقنيات الحديثة للتوسع محليا وعالميا، إلى جانب تسهيل التجارة وتعزيز القدرة التنافسية لقطاع الخدمات اللوجستية.
وحول النهج الإستراتيجي والجدول الزمني للإستراتيجية، سيتم العمل على تنفيذ الإستراتيجية على ثلاث مراحل خلال فترة زمنية مدتها 10 سنوات بما يتسق مع الجدول الزمني لرؤية التحديث الاقتصادي.
ويشار إلى أن رؤية التحديث الاقتصادي التي تم إطلاقها منتصف عام 2022، دعت إلى أن تصبح المملكة أحد أسرع مراكز التجارة الإلكترونية وتجارة التجزئة عبر الإنترنت من حيث النمو لتقديم خدماتها إلى أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وخاصة تعزيز مشاركة المنشآت الصغيرة والمتوسطة من خلال اعتماد التقنيات وتوفير الحوافز، تحديث البنية الرقمية للتجارة الإلكترونية وتحقيق عدالة في المنافسة مع التجارة التقليدية.
وتغيب الدراسات المحلية التي توضح حجم التجارة الإلكترونية في الأردن، إلا أنه وفق دراسة عالمية أصدرها مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، قدر حجم مبيعات التجارة الإلكترونية بالعالم بنحو 27 تريليون دولار خلال عام 2020، بينما تبلغ 788 مليون دولار في الأردن.
وقال الخبير في المنافسة وحماية المستهلك بهاء العرموطي، إن العصر الذي نعيشه هو عصر الأسواق الإلكترونية، حيث أن أنها أصبحت عالميا جزءا أصيلا في معادلة التجارة والأسواق العالمية وتسارع حضورها بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة في ظل التطور الكبير في أتمتمة الخدمات المالية، ما يؤكد ضرورة الانفتاح على هذه التجارة والتوسع في تنظيمها محليا.
ويرى العرموطي، أن القائمين على التجارة التقليدية في الأردن لم يخطُ بالشكل المطلوب نحو التحول للتجارة الإلكترونية ومواكبتها إذ ما يزال هناك موقف سلبي منها من قبل كثير من الفاعلين في التجارة التقليدية، لافتا إلى أن أنماط وتوجهات المواطنين الاستهلاكية والشرائية  طرأ عليها الكثير من التغييرات، حيث أن هناك ميلا وقابلية أكبر نحو التسوق الإلكتروني لا سيما في أوساط الشباب، مما يستدعي من التجار الإسراع في الدمج بين نوعين التجارة وعدم الاكتفاء بشكل التقليدي.
وأكد أن التجارة الإلكترونية تنطوي على جوانب إيجابية مهمة للتجار والمستهلكين على حد سواء حيث أنها تتيح للتجار الوصول إلى أكبر شريحة من المستهلكين، إضافة إلى توسع نشاطهم التجاري، فضلا على أنها تمثل فرصة لتطور رواد الأعمال، من ناحية أخرى فأنها تساهم في تخفيض كلف الشراء على المستهلكين وتتيح لهم التسوق في مرونة عالية.  
ودعا العرموطي الحكومة إلى ضرورة تسهيل التجارة الإلكترونية وتنظيم عملها، كما دعا التجار إلى ضرورة مواكبة التطورات التي تشهدها الأسواق العالمية ومغادرة مربع التقليدية.
بدوره، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك قاسم الحموري إن التجارة الإلكترونية انتشرت محليا بشكل كبير خلال السنوات الماضية، خاصة في ظل توفر الظروف الملائمة، لذلك من بنية تحتية تكنولوجية وتوفر رغبة من المستهلكين في الإقبال عليها ،حيث طرأ تحولات في أنماط التسوق للمواطنين منذ جائحة كورونا.
وأوضح الحموري أن تزايد الإقبال على التجارة الإلكترونية يعود إلى انخفاض أسعار السلع والبضائع التي تباع من خلالها قياسا مع التجارة التقليدية، فضلا عن سهولة وصول المستهلكين إليها، منوها إلى أن التجارة الإلكترونية ما زالت تواجه بعض المعيقات محليا، ومنها ضعف إستراتيجيات التسويق، إضافة إلى عدم مطابقة المعروض منها مع المباع ما يسبب مشكلة للمستهلكين.
وأكد أن التجارة الإلكترونية ساهمت خلال السنوات الماضية في خلق الكثير من فرص العمل، وتحسين المستوى المعيشي لكثير من الأسر التي مارست هذا النوع من التجارة، داعيا إلى ضرورة أن يكون هنالك اهتمام حكومي في تنظيم هذه التجارة وضبطها وسن تشريعات خاصة بها.
في المقابل، يرى النائب الأول لرئيس غرفة تجارة الأردن جمال الرفاعي أن هناك فوضى عارمة في ممارسة التجارة الإلكترونية وغيابا واضحا في تنظيمها؛ ما أدى إلى إلحاق الضرر بالقطاعات التجارية التقليدية وبالمنافسة لديها، مشيرا إلى نمو حجمها بصورة مطردة في المملكة خلال السنوات الماضية على حساب القطاع التقليدي.
وأوضح الرفاعي أن غرفة تجارة الأردن لا تعارض هذا النوع من التجارة من “حيث المبدأ”، إنما تعارض غياب تنظيمه والضوابط التي تحكمه ما أجحف بحق التجار وعطل أعمال الكثيريم منهم، مؤكدا أن الغرفة حريصة تماما على الانخراط في هذا النوع من التجارة، إلا أن ذلك يتطلب تحقيق المساواة والعدالة بين طرفي التجارة وذلك من خلال سن تشريعات تكرس ذلك وتحمي القطاع التجاري الذي يشغل عشرات الآلاف من المواطنين ويستثمر في الاقتصاد الوطني عشرات الملايين.
وكشف الرفاعي أن غرفة التجارة بصدد التنسيق مع الحكومة لتأسيس منصة خاصة بالتسويق الإلكتروني لخدمة القطاعات التجارية المختلفة بما يحقق العدالة للجميع.
من جانبه، قال عضو غرفة تجارة عمان أسعد القواسمي إن التجارة الإلكترونية باتت عبئا حقيقيا على القطاع التجاري، كما أنها أضرت بالمنافسة في السوق المحلية، مبينا أن التجارة الإلكترونية بصورتها الحالية تحمل جوانب سلبية عديدة تتمثل في إهدار المال على الخزينة العامة نتيجة عدم خضوع أغلب الناشطين في ممارستها لنظام الرسوم والضرائب المطبق على القطاعات التجارية التقليدية.
وبين القواسمي أن أغلب ممارسي التجارة الإلكترونية في المملكة تتم تجارتهم بصورة غير نظامية وأن البضائع التي يبيعونها ليست لها مرجعية تجارية واضحة وتضر أيضا بالمستهلكين حيث أن كثير من سلعها فير مطابقة للمواصفات الحقيقية التي تروجها.
وأكد أن تحقيق العدالة والتوازن بين التجارة التقليدية والإلكترونية يتطلب من الحكومة مخالفة أي جهة تمارس النشاط التجاري الإلكتروني بشكل غير قانوني وليس لديها رقم تجاري، إضافة إلى ضرورة ضبط الصفحات والمواقع التي تروج للتجارة الإلكترونية  بصورة غير رسمية، كما طالب بأهمية إعادة النظر بالطرود البريدية التي أصبحت تستخدم لغير الغايات التي جاءت من أجلها والتي هي المقتصرة على المنفعة الشخصية للمواطن إلا أن الكثيرين أصبحوا يستخدمونها لغايات تجارية بحتة.
وشدد القواسمي على أن هناك مرونة لدى التجار في القطاع التجاري في الاستفادة من التجارة الإلكترونية وإدراجها ضمن أنشطتهم التجارية.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد